آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شرح حزب البر للإمام أبي الحسن الشاذلي 6

شرح حزب البحر للإمام أبي الحسن الشاذلي (3)
قوله : (بَلِ الْوَیْلُ ثُمَّ الْوَیْلُ لِمَنْ اَقَرَّ بِوَحْدِانِیَّتِكَ وَلَمْ یَرْضَ بِاَحْكَامِكَ) لأن حكم الواحد لا مهرب منه، وقهره لا محيص عنه، إذ لا غيره يجير منه ولا يهرب إليه، فكان في قضية الإقرار بالوحدانية الاستسلام والتسليم والرضا بما يجري به القضا.

قال في القوت : وروينا في الخبر المشهور ما معناه "يقول الله عزّ وجلّ : "خلقتُ الخير والشر فطوبى لمن خلقتُهُ للخير وأجريتُ الخير على يديه والويل لمن خلقتُهُ للشر وأجريتُ الشر على يديه، وويل ثم ويل لمَن قال لِمَ وكيف ؟" انتهى.

وما ذكر في الحزب من الإقرار بالوحدانية مع عدم الرضا خرج مخرج الدليل والبرهان عن تأكيد الويل في حق من لم يسلم ويرضى مع ذلك لأنها مخالفة مع العلم، ويتضاعف الويل على من علم ولم يعمل لما في ذلك من الجراءة فتشتد الجراءة، نسأل الله تعالى العصمة.

قوله : (اَللّھُمَّ اِنَّ الْقَوْمَ قَدْ حَكَمْتَ عَلیْھِمْ بِالذُّلِّ حَتّى عَزُّوا) لأن تسلط الخلق على أولياء الله في مبدأ طريقهم سنة الله في أحبابه وأصفيائه وبذلك يتطهرون من البقايا وتتكمل فيهم المزايا، وكيف يساكنون الخلق باعتماد أو يميلون إليهم بإسناد، فإذا تمّت أنوارهم، وتطهرت من البقايا أسرارهم، حكَّمهم في العباد وأذلّهم لهم، فيكون العبد المُجتبى سيفاً من سيوف الله ينتصر به لنفسه كما نبَّهَ على ذلك في لطائف المنن، وذلك من أسرار عدم مشروعية الجهاد من أول الإسلام والأمر بالصبر تشريعاً لما ذكرنا وتحذيراً من الانتصار للنفس أو عدم تمحيص النصرة للخلق، وعند الرسوخ في اليقين والأمن من مزاحمة التصديق دفع في الإذن بذلك. هذا بالنسبة للصحابة الكرام رضي الله عنهم، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فكامل من أول نشأة على التقويم الأول في فطرته فذلك تشريع لا غير في حقه، وتعظيم وترفيع لرتبته.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية