كُلَّمَا اجْتَنَبْتَ هَوَاكَ قَرِيَّ إيمَانُكَ، وَكُلَّمَا اجْتَنَبْتَ ذَاتَكَ قَوِيَ تَوْحِيدُكَ.
كلما اجتنبتَ أيّها السالك هواك وحظّك قويَ إيمانك، فيكشف لك سر الحكمة الربانيّة والقدرة الإلهية وأنه الفاعل الموجود، وكلما اجتنبتَ ذاتك بأن فنيت عنها وعن سائر الخلق، وتخلّقت بمقام البقاء بأن رأيت الله محيطاً بكلِ شيء قَوِيَ توحيدك، وقدّمتُ أنّ التوحيد توحيد في الأفعال، وتوحيد في الصفات، وتوجيد في الذات، الأول توحيد العوام، والثاني توحيد الخواص، والثالث توحيد خواص الخواص.
الْخَلْقُ حِجَابٌ وَأَنْتَ حِجَابٌ، والحَقُّ لَيْسَ بِمَحْجُوبٍ وَهُوَ يَحْتَجِبُ عَنْكَ بِكَ، وَأَنْتَ مَحْجُوبٌ عَنْكَ بِهِ، فَانْفَصِلْ عَنْكَ تَشْهَد وَالسَّلاَمُ.
الخلق مع وقوفك معهم حجابٌ عن رؤيته تعالى، وأنت مع ذلك حجاب عنك أيضا، والحقّ تعالى ليس بمحجوب عنك، إذ لا قدرة على حجبه وهو يحتجب عنك بك، وأنتَ محجوب عنك به تعالى، لو أنك نظرتَ إلى وجوده تعالى حُجِبتَ به عنك فانفصل عنك، أي عن وجودك وحولك وقوتك تشهد ما منّ الله به عليك من النعم والجود. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
انتهى الشرح المبارك بحمد الله وعونه وتوفيقه، والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.