(وتوبة الْخَاصَّة من تَضْييعِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى دَركِ النَّقيصَةِ ويُطفِئُ نورَ المُرَاقَبَةِ ويُكَدِّرُ عَينَ الصُّحْبَة)
المُراد ب(الوقت) حين الاستغراق في المشاهدة، المشارف لمقام الجمع مع عدم البلوغ إلى حدِّ التمكّن؛ وذلك هو القرب من الكمال، فتضييعه يدعو إلى درك النقصان الذي يقابله، فتجب التوبة عنه بدوام المحافظة عليه.
والدرك في النقصان، والوقوع إلى الأسفل في مقابلة الدرج إلى الكمال والترقِّي إلى الأعلى.
وإنما (يُطفئ نورَ المراقبة) لأن الانحطاط بالتضييع إنما هو الوقوع في التفرقة برؤية الغير والاحتجاب بصفات النفس، فيحرم صاحبه عن نور المراقبة - الموجب لحفظ الوقت - بظلمة الحجاب، ويلزم من ذلك كدورة الصحبة مع الله تعالى في مقام المشاهدة، فإنه لابد فيه من صفاء الوقت معه، فإذا ضاع الوقت بالتفرقة والاحتجاب برؤية الغير : تكدَّرت الصحبة ويصحِّح إطلاق الصحبة على هذا الحضور قوله عليه السلام : {اللهمَّ أَنتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَر}.
(وَلَا يَتِمُّ مَقَامُ التَّوْبَةِ إِلَّا بِالِانْتِهَاءِ إِلَى التَّوْبَةِ مِمَّا دُونَ الْحَقِّ، ثُمَّ رُؤْيَةُ عِلَّةِ التَّوْبَةِ، ثُمَّ التَّوْبَةُ مِنْ رُؤْيَةِ تِلْكَ الْعِلَّةِ)
ثم إن رأى "رؤية لتلك العلَّة" كانت تلويناً آخر، والخلاص منه بأن يتوب عن رؤيته لتلك العلَّة بالحقِّ، وذلك لا يمكن إلا بالتمكين، فيكون رائيا - في مقام التمكين بالحقِّ - توبتَه بالحق، فلا يكون هو رائيا ولا تائبا.