الذكر
ثمّ أستلفتك للكلام عن الذكر من أصله، لأنّه أعظم قاعدة في الدين، وإنّي أراك قد غفلت عليه حيث إنّك شنّعت على المجتمعين من أجله، فأقول : بالله عليك إلاّ ما أخبرتني ما نظرك في الذكر هل هو مشروع أم لا ؟ وفي ظنّي أنّك تعترف بمشروعيته بمقتضى قوله تعالى :"فاذكروني أذكركم", [البقرة آية 152]، وغير هذا ممّا لا يتأتى حصره وأنا أقول زيادة على قولك مشروعا : "ما شرعت الشرائع، وأقيمت المناسك إلاّ لإقامة ذكر الله"، فعن عائشة رضي الله عنها، قالت : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : (إنّما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمرات لإقامة ذكر الله) [رواه أبو داود والدارمي في سننهما]، وقال تعالى في الحج : (فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ), [البقرة آيــــة 198]، فجعل الوقوف عند المشعر للذكر لا للمشعر بالخصوص وجعل القيام بمنى لذكر الله لا لها، فقال : (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ), [البقرة آية 203]، وقال في الصـلاة : (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) [طه آيـة 14] وتجد غير هذا لو تتبعت الكتاب.