آخر الأخبار

جاري التحميل ...

التجريد في كلمة التوحيد - 25

التجريد في كلمة التوحيد - 25

فصل


اعلم أن الأولياء لهم أربعة مقامات : الأول : مقام خلافة النبوة والثانى مقام خلافة الرسالة والثالث مقام خلافة أولي العزم والرابع خلافة أولي الاصطفاء. فمقام خلافة النبوة للعلماء ، و مقام خلافة الرسالة للأبدال، ومقام خلافة أولى العزم للأوتاد ، ومقام أولى الاصطفاء للأقطاب، فمن الأولياء من يقوم مقام الأنبياء عليهم السلام، ومنهم مَن يقوم مقام أولي الاصطفاء.

ومعنى الوليّ على وجهين (الوجه الأول) :من ثبت له تصرف و ولاية على مصلحة دينية. و(الوجه الثانى) : من ليس له ولاية التصرف بالقوة بل ثبت له تصرف ولاية التصرف .
فإن قيل ولياًّ عى معنى أنّ الله قد تولّى لجميع أموره، وهنا الوليّ وليٌّ بالفعل ، إن يَسمع فبالحق يسمع، وإن أبصر فبالحق يبصر، وإن نطق فبالحق ينطق ، فهو فى عالم المحبوبية وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى : " كُنتُ لهُ سَمْعاً" الحديث، وهذا الولي لا يصلح أن يكون مربياً للخلق لأنه فى قبضة الحق مسلوب الاختيار عن نفسه، فلا يصلح أن يكون مربياً لغيره ، لأن التصرف في غيره يستدعي ولاية التصرف فى نفسه وهذا الولي مجذوب في نفسه فكان مسلوب التصرف في غيره، فلما كان المجذوب مسلوب التصرف في نفسه فكان مسلوب التصرف في غيره، لا يرى فى عرف الشرع أن من ثبتت له الولاية على نفسه ثبتت له الولاية على غيره و مَن لا فلا ، فالعاقل البالغ لما ثبثت ولايته على نفسه ثبتت له الولاية على غيره ، و الطفل و الصبى لما لم تثبت له الولاية على نفسه لم تثبت له الولاية على غيره .

والمجذوب في قبضة الحق بمنزلة الصبي الرضيع تتصرف فيه يد القدرة كتصرف والدة الصبيّ في حجر تربية المحبوبية يرضع بلبن كرم الربوبية، وهم أطفال قهرنا في حجر تربية إرادتنا يرضعون بلبن كرمنا ، فأما الولي السالك فيصلح أن يكون مربياً للخلق لأنه بمنزلة البالغ الذى ثبتت له الولاية على نفسه و من له الولاية على نفسه جاز له الولاية على غيره ، فإذا جاز ذلك فى عرف الشريعة جاز فى عرف الحقيقة فإن الحقيقة على وزن الشريعة ، و التفرقة بينهما كفر وزندقة.

فمثال المجذوب في مقام المحبوبية كمثل رجل سلك به طريق البادية مشدود العين فهو لا يعرف موضع قدم ولا يدري أين يذهب ، فإن هذا الرجل إذا قطع الطريق ووصل إلى مراده لو سئل عن منزل من المنازل لم يكن عنده علم و لا خبر ، و كما أن هذا الرجل لا يصلح أن يكون دليلاً فى البادية فكذلك المجذوب لا يصلح أن يكون دليلاً فى طريق الآخرة.
و مثال السالك فى طريق الآخرة كمثل رجل سلك طريق البادية و شاهدها و عرف منازلها و مراحلها و سهلها و جبلها ويعرفها شبراً شبراً و يعلمها علماً و خبراً ، وكما أن هذا الرجل يصلح أن يكون دليلاً على طريق البادية فكذلك السالك فى طريق المعرفة يصلح أن يكون دليلاً فى طريق الآخرة .

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية