آخر الأخبار

جاري التحميل ...

حلية الأبدال وما يظهر من المعارف والأحوال/ابن عربي-3


فصل في (الصمت)


الصمت على قسمين، صمت باللسان لغير الله تعالى مع غير الله تعالى جملة واحدة، وصمت بالقلب عن خاطر يخطر له في النفس في كون الأكوان البتة، فمن صمت لسانه ولم يصمت قلبه خف وزره، ومن صمت لسانه وقلبه ظهر له سره وتجلى له ربه، ومن صمت قلبه ولم يصمت لسانه فهو ناطق بلسان الحكمة، ومن لم يصمت بلسانه ولا بقلبه كان مملكة للشيطان ومسخرة له، فصمت اللسان من صفات منازل العامة وأرباب السلوك، وصمت القلب من صفات المقربين أهل المشاهدات، وحال صمت السالكين السلامة من الآفات، وحال صمت المقربين مخاطبات التأنيس.

فمن التزم الصمت في جميع الأحوال كلها لم يبق له حديث إلا مع ربه، فإن الصمت على الإنسان محال في نفسه فإذا انتقل من الحديث مع الأغيار إلى الحديث مع ربه كان نجياً مقرباً مؤيداً في نطقه إذا نطق نطق بالصواب لأنه ينطق عن الله، قال تعال في حق نبيه صلى الله عليه وسلم : (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى)[النجم:3]، فالنطق بالصواب نتيجة الصمت عن الخطأ، والكلام مع غير الله خطأ بكل حال وبغير الله شرٌّ من كل وجه، قال تعالى: (لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ)[النساء:114]، بكمال شروطها قال الله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)[البينة:5]، ولحال الصمت مقام الوحي على ضروبه، والصمت يورث معرفة الله تعالى.




التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية