آخر الأخبار

جاري التحميل ...

المُعْزى في مناقب الشيخ أبي يَعْزى -24


ويحكى عن الشيخ أبي مدين: إنه لما ودّع الشيخ في انصرافه للمشرق، وقال له في حفظ الله, وبشّره بالمقامات العظيمة، ثم قال: وسُتهدى لك جاريةٌ حبشيةٌ، وسُيولد لك معها ولدًا، فإن عاش فسيكون له شأنٌ عظيم, وكان الشيخ أبو مدين يحدث أصحابه بذلك, فلما استقر ببجاية وهو منتظر لوعد الشيخ, فأهدى له تاجر من تجار بجاية جارية فما كان إلا يسيرًا, فولدت له ولدًا سمَّاه محمد، وكان يظهر على وجه الشيخ الكآبة, فقيل له في ذلك, فقال:لم يكن لي في هذه الجارية أرب, فإن تركتها أثمت, وإن زوجتها تحيرت من أمر ولدي من يربيه, وأنا ما لي غرض فيها ولولا بشارة الشيخ بالولد وأنه يكون له شأن, ما قربتها فمن أجل تلك الكآبة التي رأيتم فقال له الشيخ أبو محمد عبد الرزاق الجزولى: يا سيدي أنا أتزوجها, وأُربى ولدك، فقال له أو تفعل ذلك, ونكاح الحبشية عند المصامدة عار.

قال: يا سيدي ليس في قلبى شيء من ذلك وأنا أفعله في محبتك, قال: فتزوجها وربْ ولد الشيخ فصدقت فيه فراسة الشيخ أبي يعزى, فحفظ القرآن في أمد قريب، وظهرت له فراسات وكرامات في أمد يسير, ثم اخترته المنية صغيرًا وله مغربات وحكايات وسنذكرها في باب مَنْ صحب الشيخ إن شاء الله تعالى. قال الشيخ أبو العباس زروق t: لما كان آخر سنة سبعين من القرن التاسع زُرنا الشيخ أبا يعزى مع شيخنا أبي عبد الله محمد بن عبد الله الزيتوني, وجماعة الفقراء، فظهر لنا, أو قال: علينا من أسراره وأنواره وبركاته ما لا مزيد عليه، وسافر معنا في هذه الزيارة أبا عبد الله الدقُوني، وكان أُميًّا صادقًا مفتوحًا عليه بحيث يتكلَّم في التوحيد الخاص، والعلوم الرقيقة، ويأتي بما يرضي ويسُر في ذلك، وكانت في حدةٍ, فإذا رآها مني قال لي: اصبر حتى تجاوز الأربعين، فإنه لايبقى لك من ذلك شيءٌ، فكان كما قال، وكلنا رجع من بركات الشيخ بأنوار شارقة عليه وأسرار ظهرت له في هذه السفرة حتى كوشف الشيخ الزيتوني بمَنْ يُخلع من الملوك، ويُقتل ومَنْ يتولى, فالتفت إليّ وقال لي: يا أحمد، قلت: نعم، قال لي: اسمع عبدين سلطانين حديدين، ثم استكتمني فكتمتها عليه، ولم أفد بها لأحدٍ.

قال لي بعد ذلك: سمعتك قلتها لفلانٍ، فحلفت له بكل يمينٍ يمكن الحلف به، فلم يقبل فلم أقدر على تكذيبه، ولم يصح عندي تصديقه لما أعلمه من نفسي، فكنت أجوز إن ابتلاني الله بشيطانٍ أسمعه ذلك, ثم ضاقت عليّ الأرض بما رحبت، ثم خرجت لزيارة الشيخ أبي مدين، ثم ذكر مغربات وقعت له في ذلك أضربنا عنها اختصارًا, وفتح عليه بعد زيارته لأبي مدين، وذهب عند ذلك البؤس, وانشرحت النفوس.

قال الشيخ أبو العباس زروق في تعريفه لهذا الإمام: الشيخ أبي يعزى آل النور بن عبد الرحمن بن ميمون الدكالي، وكان أُميًّا لا يعرف من القرآن إلا الفاتحة والإخلاص والمعوذتين، وإذا قرأ القارئ بين يديه يرد على القارئ غلطه أو لحنه، فقيل له في ذلك قال: انظر النور يخرج من فِيِه، فإذا انقطع عرفت أنه غلط أو لحن.


وله في المجاهدات أمورٌ عظيمةٌ، ومن الكرامات ما لا يُحصى، وكراماته بعد مماته أكثر من حياته، أو قال أكثر منها في حياته.
وقوله الدكالي: إنما يُنسب لدكاله؛ لكثرة مكثه بها في مجاهداته في تلك السواحل, وخدمته لتلك الشيوخ الذين بتلك البلاد والله أعلم، وإلا لم يصح أنه دكالي أصلاً والله أعلم.


التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية