وقال بعضهم : إن المقامات ثلاثة : النفس اللّوّامة، والنفس المُلهمة، والنفس المطمئنّة، ولا يعدّون غيرها لأنهم لا يعتبرون إلاّ النفس الزّكيّة باعتبار الفطرة. ولا شكّ أن هذه النفوس إذا وصلت إلى المقام الذي سمي فيه النفس المطمئنّة كمُلت وصلُحت للإرشاد.
وذكر النفس اللوامة "لا إله إلّا الله" وفي أوائل المُلهمة "الله الله" وفي آخرها "هو هو" وبهذا الاسم يدخل على النفس المطمئنّة الرحمانية، فإذا دام العبد على اتباع الكتاب والسنَّة نُوديَ على نفسه بلسان سرّ السّرّ : {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً}[الفجر:27]، وبعضهم قال : ذكر المقام الأول "الله" وذكر المقام الثاني "حي" وذكر المقام الثالث "قيّوم"، وقال بعضهم ينبغي المواظبة على هذه الأذكار الآتية لأن لها أثرا عظيما وتأثيراً سريعاً وهي "لا إله إلا الله" أربعمائة مرّة، "إلا الله" مائتين مرة، اسم"الله" بتسكين الهاء مائة مرّة، "الله" برفع الهاء مائة مرّة، "هو الله" بتسكين الهاء مائة مرة، "يا هو" مائة مرة، "هو" ثلاثمائة مرة. قال : فأوّل ما يظهر على الذاكر في أثناء الذكر ما في الحديث القدسي : (أن في جسد ابن آدم مُضغة، وفي المُضغة قلباً، وفي القلبِ فؤاداً، وفي الفؤادِ روحاً، وفي الرّوح سرًّا، وفي السرّ نوراً، وفي النّور أنا).
ويُسمّى عالم ذكر اللسان عالم النّاسوت وعالم الملك، وعالم ذكر القلب عالم الملكوت، وعالم ذكر الروح عالم الجبروت، وعالم ذكر السرّ عالم اللاهوت، وعالم الذكر الخفي عالم الرحمن. وأفضل الذكر ما كان بالقلب واللّسان جميعا، وذكر القلب على انفراده أفضل من ذكر اللسان على انفراده.