آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شرح حزب البحر للشيخ أبي الحسن الشاذلي/أحمد زروق-5


ثم قال الشيخ رضي الله عنه : ( فَثَبِّتنا وانصرنا وسَخِّرْ لنا هذا البحرَ كما سخَّرْتَ البحرَ لموسى عليه السلام * وسخَّرْتَ النارَ لإبراهيمَ عَلَيهِ السَّلام * وسخَّرْتَ الجبال والحديد لداودَ عَلَيهِ السَّلام* وسخَّرت الرِّيحَ والشياطينَ والجنَّ لسليمانَ عَلَيهِ السَّلام ).

قلت : هذه من الأعجاز إلى الصدور، وترتيب المقاصد من رد على المقدمات، فالتقدير فثبتنا في محل الزلل، وهو موقف الشدائد والأهوال، وانصرنا على أعدائنا من المنافقين والذين في قلوبهم مرض، وسخر لنا هذا البحر الذي نحن فيه معرضون لذلك، تسخيرا ينفي كل ما يخشى، ويأتي بكل ما يطلب ويرتجى .

وقد يقال : ثبتنا على الإيمان، وانصرنا باليقين، وسخر لنا هذا البحر من أمر الدنيا والدين حتى نسلم من الشكوك، والظنون، والأوهام، ونتأيد بحقائق الإيمان والإسلام، اذ من علامات التأييد حفظ التوحيد في أوقات الحكم، كما قاله سيدي ابو علي الدقاق .

والتشبيه في التسخير من جهة التيسير والكرامة، لا من جهة المقابلة والمناظرة، لان ذلك التسخر كان بكرامة الله، ومع إحسان الله، فكان مقويا للإيمان، كما انه مظهر للإحسان .

فسخر البحر لموسى عليه السلام في نجاته أولا حين ألقته أمه فيه،ثم سخره له ثانية بنجاته مع إهلاك مكذبه وغرق عدوه،
وسخرت النار لإبراهيم عليه السلام فجعلتها عليه بردا وسلاما، وسخرت الجبال لداود عليه السلام والحديد بان تسبح معه بالعشي والإشراق وتؤوب معه إلى ربها، وتسخير الحديد له بتليينه له، ولمن حضر معه، يعينه في أعمال الدروع حتى صار كالعجين بين أيديهم، وسخرت الريح لسليمان غدوها شهر ورواحها شهر . قال تعالى : (وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَٰلِكَ)[الأنبياء:82] بل (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ)[سبإ:13] كما أخبر الله سبحانه وتعالى عن ذلك .

والشياطين نوع من الجن لم يعمل خيرا قط، ولا أهل له، عكس الملك، فذكره الشياطين من قبل الجن من الخصوص قبل العموم . والله ورسوله اعلم .

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية