آخر الأخبار

جاري التحميل ...

سلك الدرر في ذكر القضاء والقدر-2


تحقيق سلك الدرر في ذكر القضاء والقدر-2

الباب الأول
في تفسير القدر والقضاء وما يتعلق بذلك


القدر بتحريك الدال المهملة وسكونها، مصدر، قدرت الشيء إذا أحطت بمقداره؛ وهو عبارة عن تعلق عين علم الله بالكائنات قبل وجودها؛ فلا يظهر في عالم الشهادة شيء من الخلائق، إلا على وقف علمه وقدره السابق، ولا يصدر من خلقه قول ولا فعل، ولا حركة ولا سكون، إلا وقد سبق في علمه وقدره كيف يكون، فأيام العبد محصورة، وأنفاسه معدودة، وخطواته مكتوبة، وفي ذلك يقول الشاعر :

مشينا خطى كتبت علينا        ومن كتبت عليه خطى مشاها
ومن قسمت منيته بأرض     فليس يموت بأرض سواها

وما مثل العبد مع القدر السابق، إلا كالصبي الذي يتبع التحنيش، الذي حنشه له الفقيه، فإذا كمل التحنيش الذي حنشه له العلم الأزلي، على ما سبق به القدر والقضاء، رحل إلى مولاه. فالواجب على العبد أن يسكن تحت مجاري الأقدار، وينظر إلى ما يفعل الواحد القهار، فالقدر والقضاء والإرادة والمشيئة، شيء واحد عند أهل السنة، ومرجعها إلى ما سبق العلم الأزلي بالأشياء قبل ظهورها. ويستمر العلم بها بعد ظهورها. قال تعالى : {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ}[الحجر:24].

فتقول على هذا، قدّر الله كذا، وقضاه وأراده، وشاء بمعنى واحد. وأما الرضى والمحبّة في حقِّ الله تعالى، فهما أخصّ من الإرادة والمشيئة لاختصاص الرضى والمحبّة بالطاعة دون المعصية، فالطاعة قدّرها وأرادها ورضيها. والمعصية قدرها وأرادها ولم يرضها، ولم يحبها شرعاً، هذا مُقتضى الأدب، والله تعالى أعلم.


التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية