فضل مجلسه والاجتماع عليه فثابتٌ أيضاً بالكتاب والسنة والأثر.
فالكتاب : قوله تعالى : {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}[النور:36].
والسنّة : قوله صلّى الله عليه وسلّم " (مَثَلُ البَيْتِ الذي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ، والْبَيْتِ الذي لا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ، مَثَلُ الحَيِّ والْمَيِّتِ)1. وقال عليه السلام : (إنَّ البيتَ الذي يُذْكَرُ اللهُ فيهِ ليُضيءُ لأهلِ السماءِ ، كما تُضيءُ النجومُ لأهلِ الأرضِ). وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا غَنِيمَةُ مَجَالِسِ الذِّكْرِ؟ قَالَ: غَنِيمَةُ مَجَالِسِ الذِّكْرِ الْجَنَّةُ)2. وقال عليه السلام : (يا أيها الناس ارتعوا في رياض الجنة، قلنا يا رسول الله وما رياض الجنة ؟ قال : مجالس الذكر)3. وقال عليه السلام : (أَفْضَلُ الرِّبَاطِ الصَّلَاةِ، وَلُزُومُ مَجَالِسِ الذِّكْرِ.3 وقال عليه السلام :المجلس الصالح يكفر عن المؤمن ألفي ألف مجلس من مجالس السوء)4. وققال صلى الله عليه وسلم : (ما من بقعة يذكر اسم الله فيها إلا استبشرت بذكر الله إلى منتهاها من سبع أرضين وإلا فخرت على ما حولها من بقاع الأرض وإن المؤمن إذا أراد الصلاة من الأرض تزخرفت له الأرض).5 وعن أَبي سعيد الخُدْريِّ رضي الله عنه قَالَ: خَرج معاوِيَة رضي الله عنه عَنْهُ علَى حَلْقَةٍ في المسْجِدِ، فَقَالَ: (مَا أَجْلَسكُمْ؟ قالُوا: جلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّه. قَالَ: آللَّهِ مَا أَجْلَسكُم إِلاَّ ذَاكَ؟ قالوا: مَا أَجْلَسنَا إِلاَّ ذَاكَ، قَالَ: أَما إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُم تُهْمةً لَكُم وَمَا كانَ أَحدٌ بمنْزِلَتي مِنْ رسُولِ اللَّهِ ﷺ أقلَّ عنْهُ حَدِيثًا مِنِّي: إِنَّ رسُول اللَّهِ ﷺ خرَج علَى حَلْقَةٍ مِن أَصحابِه فَقَالَ: مَا أَجْلَسكُمْ؟ قالوا: جلَسْنَا نَذكُرُ اللَّه، ونحْمدُهُ علَى ماهَدَانَا لِلإِسْلامِ، ومنَّ بِهِ عليْنا. قَال: آللَّهِ مَا أَجْلَسكُمْ إِلاَّ ذَاكَ؟ قالوا: واللَّه مَا أَجْلَسنا إِلاَّ ذَاكَ. قالَ: أَما إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهمةً لكُمْ، ولِكنَّهُ أَتانِي جبرِيلُ فَأَخْبرني أَنَّ اللَّه يُباهِي بِكُمُ الملائكَةَ) أخرجه مسلم والترمذي، وزاد رزين فقال ثم حدّثنا فقال : (مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، ويتَدَارسُونَه بيْنَهُم، إِلاَّ نَزَلتْ علَيهم السَّكِينَة، وغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَة، وَحَفَّتْهُم الملائِكَةُ، وذَكَرهُمْ اللَّه فيِمنْ عِنده)6. عن أبي مسلم الأعز قال : أشهد علي أبي هلريرة وأبي سعيد أنهما شهدا على رسول الله صلى الله علييه وسلم أنه قال :(لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ)7 وقال صلى الله عليه وسلم : (مَا مِنْ قَوْمٍ اجْتَمَعُوا يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ إِلا وَجْهَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلا نَادَاهُمْ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ قُومُوا مَغْفُورًا لَكُمْ)8. وقال عليه الصلاة والسلام :(لَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ : أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ ، وَلَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ : أَحَبُّ إِلَيَّ مَنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً)9.
هذا فضل المجلس والاجتماع عليه من الكتاب والسنّة.
وأما الأثر : فقال أبو هريرة رضي الله عنه : " إن أهل السماء ليتراءون بيوت أهل الأرض التي يذكر فيها اسم الله عز وجل كما تتراءى النجوم". وقال داوود على نبينا وعليه السلام : إذا رأيتني جاوزت مجالس الذاكرين إلى مجالس الغافلين فاكسر رجلي دونهم فإنها نعمة تنعم بها علي". وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه دخل السوق فقال : "أراكم ههنا وميراث رسول الله صلى الله عليه و سلم يقسم في المسجد، فذهب الناس إلى المسجد وتركوا السوق فلم يروا ميراثا فقالوا : يا أبا هريرة ما رأينا ميراثا يقسم في المسجد ؟ قال : فماذا رأيتم . قالوا : رأينا قوما يذكرون الله عز و جل ويقرءون القرآن، قال : فذلك ميراث رسول الله صلى الله عليه و سلم".وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : "إن الشيطان طاف بأهل مجلس الذكر ليفتنهم فلم يستطع أن يفرق بينهم ، فأتى حلقة يذكرون الدنيا فأغرى بينهم حتى اقتتلوا ، فقام أهل الذكر فحجزوا بينهم فتفرقواّ. وقال سفيان بن عينية رحمه الله : "إذا اجتمع قوم يذكرون الله تعالى، اعتزل الشيطان والدنيا عنهم، فيقول الشيطان للدنيا : ألا ترين ما يصنعون؟؟ فتقول الدنيا : دعهم فلو قد تفرقوا أخذت بأعناقهم إليك".
الهوامش
2 - أخرجه هكذا البزار وأبو يعلى في مسنديهما والطبراني في الأوسط والحاكم في المستدرك من رواية عمر بن عبد الله مولى غفرة.
3 - (الطيالسي) أبو داود (عن أبي هريرة) وفيه محمد بن أبي حميد فإن كان المدني فضعفوه أو الزهري فشبه المجهول كما في الضعفاء للذهبي .
4 - قال العراقي: ذكره صاحب الفردوس من حديث أسد بن وداعة وهو مرسل ولم يخرجه ولده وكذلك لم أجد له إسناداً اهـ. قال ابن السبكي: (6/ 302) لم أجد له إسناداً.
5 - (أبو الشيخ فى العظمة ، والرافعى عن أنس . ابن المبارك عن أنس موقوفًا)حديث أنس المرفوع : أخرجه أبو الشيخ (5/1712 ، رقم 117218) ، والرافعى (4/16) .حديث أنس الموقوف : أخرجه ابن المبارك (1/115 ، رقم 339) .
6 - الراوي : أبو هريرة | المحدث : أبو داود | المصدر : سنن أبي داود
7 - الراوي : أبو سعيد الخدري وأبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
8 - رواه أحمد، وهو حديث صحيح
9 - أخرج أبو داود في سننه (3667) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.