آخر الأخبار

جاري التحميل ...

مناقب الشيخ الهادي بن عيسى -14

وأما بحسب الباطن فإنهم يعتقدون في الشيخ رضي الله عنه اعتقاداً جازماً لا يزيد عليه، وكذلك يعتقدون في أولاد الشيخ رضي الله عنهم مثل ذلك الاعتقاد وما يقرب منه بحيث لدا من ولد الشيخ واحدا منهم بأي شيء كان امتثل أمره ولو كان فيه حتفه من غير ترو في ذلك الأمر، ولذلك تنفعل لهم الأشياء وتظهر على أيديهم الخوارق، فمنهم من يستجاب دعوته في الحين ومنهم من يمسح على الرقى المقعد فيقوم يمشي من حينه، ومنهم من يتمرغ على السّدور ويأكل الشوك ولا يؤذيه.


فقد رفع في زماننا هذا أن بعض أولاد الشيخ أمر بعض الخدام أن يخرجوا إلى واد الكَل "بفتح الكاف"، واد من أودية مكناس، ليأتيه بقوق النبات المُسمى بالخرشف ليجد له خضرة للطعام، فذهب الرجل وصار يختار القوقة الكبيرة اليابسة ظنًّا أنها هي التي تصلح، وذلك لكونه بدويا لا يعرف أنها يابسة لا تصلح للخضرة، حتى ملأ من ذلك وعاء كبيراً وجاء به إلى ولد الشيخ فلما رآه قال له : ما هذا ؟ وصار يوبخه، وقال له : كُلهُ لا حاجة لي به. فقال الرجل : لله لله يا سيدي، يستفهم ولد الشيخ عن أمره له بالأكل، هل هو صحيح أم لا، فلما تحقق أن لا غرض لولد الشيخ فيه من ذلك القوق، هاج الرجل كما يهيج فحل الإبل، وصار يأكل ذلك القوق بشوكه مع يبسه وخشونته كأنه يأكل شيئاً رطباً طيِّباً.


وقد اختبر بعض الطلبة من أهل مكناسة أنه كان مع واحد من أولاد الشيخ رضي الله عنه بقبيلة بني حسن فجاء الأتباع والخدام للسلام على ولد الشيخ وزيارتهن وجلسوا حوله مقدمهم "لا البرسوس" جديد جدا لا يقطع فيه إلا الهند، فباسطه ولد الشيخ وقال له : يا فلان نحب أن تريَني شيئاً من بركة الشيخ، فقال الرجل : بسم الله وعلى بركة رسول الله. وجعل نحلة أصبعه السبابة على طرف لسانه، ثم وضعها على البرنوص، فلما وضعها عليه صار محل الوضع كأنه مقطّع بالمقص، وهذا كله في حال سلوك ويقظة من غير حلقة ذكر ولا جذب ولا غيبةٍ مع حضور تام بالقوم أهل عناية، ولهم أحوال.


 وأهل النية يسلم لهم ولا ينكر عليهم، فقد وقع أيضا في زماننا هذا أن رجلا ذهب لزيارة الشيخ، فلما جلس في ضريحه، ورأى ما يفعله أرباب الأحوال من تحريف الشياب ونحو ذلك، ثم أنكر ذلك في قلبه، ثم أسند ظهره إلى الحائط، ووضع يده على ركبته وكان لابساً كساءً جديداً، فأخده النوم، فلما استيقظ من نومه وجد المحل الذي كانت عليه يده مقطوعا على قدر يده بأصبعها، كأنه مقطع بالمقص، فتعجّب من ذلك وسلم ولم يعد إلى الإنكار.


وكم لهذا من نظير، فلا نطيل بذكرهن فأهل الأحوال يُسلّم لهم حالهم ولا يُقتدى بهم فيها، فالتسليم عناية، والإنكر جناية، والله ولي التوفيق، وهو الهادي إلى أقوم طريق.


البداية   السابق    التالي

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية