آخر الأخبار

جاري التحميل ...

رسالة حقيقة الحقائق ورقيقة الرقائق/ابن عربي



هذه رسالة حقيقة الحقائق ورقيقة الرقائق لمولانا وسيدنا
 الشيخ الإمام العالم العامل والحبرالكامل الفاضل قطب
 العارفين وزبدة المحققين محيي السنة
 والدين فريد دهره ووحيد عصره
 محمد بن محمد العربي 
الحاتمي الطائي الأندلسي
 قدس الله سره
 آمين

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي جعل الموجودات على وجوده دليلا، وأوضح للسائرين إلى جنابه الأقدس سبيلاً، الصلاة والسلام على رسوله محمد المصطفى من الخلائق حبيبًا وخليلًا.

وبعد فهذه الرسالة الشريفة في علوم الحقائق، وحكم من الرقائق لولدي في الطريقة، وقرّة عيني في الإرادة، زاده الله توفيقًا في تحصيل الشريعة، وهدايةً ورُشدًا في تدقيق الحقيقة، اللهم اجعله هاديًا في الدين، بحق محمد الأمين، آمين.

وفيها ثمان فصول، وفي كل فصل أصول :


فصل في حقيقة الحقائق : الحق موجود تقتضيه ذاته وجوده، وهو واجب الوجود، ووجود الممكن، الذي لا تقتضي ذاته وجوده، وعدمه دليل على وجوب وجود واجب الوجود، فالعالم دليل عليه، وهو مدلوله والدليل عليه نوعين : العالم الأكبر، وهو معية صورة السموات العُلى والملكوت الأعلى إلى تحت الثرى. العالم الأصغر وهي أحسن العوالم العليّة فهي الصورة الإنسانية، قوله تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) {التين: 4}. والدليل الثاني الذي سمّي العالم الأصغر فهو أدل عليه من جميع الدلائل القاطعة، كالآيات الساطعة، لأنه خلق على صورة مدلوله، وهو مطابق له في الواقع بحسب حصول الكمال، وموافق الموازنة والمثال، لقوله عليه السلام : (إِنَّ اللهَ خَلقَ آدَمَ علَى صُورَتِهِ) فالحق ينطق بهذين الدليلين في كتابه العزيز (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ)[فصلت:53] والخلافة الإلهية لا تليق إلا بهذه الخلقة، لأنه خلق هذه الخليفة على صورة المستخلف، وجمعت فيه القوابل الكليّة والجزرية من جميع الكائنات، فمن عرف الإنسان عرف الحق، لأنه وجد في أحسن صورة، على صورة الموجود الأحسن، سبحانه. وهذا معنى قوله عليه السلام : (مَنْ عَرَفَ نَفسَهُ عَرفَ رَبَّهُ) ولم يقل "مَن عرفَ الكائنات عرف موجود الموجودات" فعلم أن الإنسان الكامل مطابق إلى حضرة الرحمن، ولذلك ورد في بعض الروايات :"خلقَ آدم على صورة الرحمن" فلو لم يكن بينهما مناسبة كليّة، ومطابقة معنويّة، بين صورة الإنسان، وحضرة الرحمن، لما قال : "إن الله خلق آدم على صورته، وخلق آدم على صورة الرحمن" فحصل من هذه المقالات أن الإنسان أدلّ دليل عليه، وأكمل آيات الله العلي الأعلى الظاهرة منها والراجعة إليه، فمعرفة الحق موقوفة على معرفة الإنسان، ومعرفة الإنسان موقوفة على معرفة جميع العلوم الظاهرة، من علم التشريح، وعلم الهيئة في معارف الأفلاك العلوية، وعلى العلوم الباطنة من المعارف القدسية، والحقائق الإلهيّة.

  

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية