اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيْرِ مَنْ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ بِعُهُودِهِ الوَافِيَةِ وَدِمَمِهِ، وَأَفْضَلِ مَنْ يَسْتَجِيرُ الخَائِفُ بِمَقَامِهِ الأَمِينِ، وَحَرَمِهِ الَّذِي مِنْ فَضَائِلِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ : بَيْنَمَا أَنَا أَطُوفُ بِالبَيْتِ إِذَا بِشَابٍّ مُتَعَلِّقٍ بِأَسْتَارِ الكَعْبَةِ وَهُوَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ مُحَمَّدٍ وَأَكْثِرْ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ غَيْرَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَضِيتُ مِنَ الطَّوَافِ فَقُلْتُ لَهُ : أَيُّهَا الشَّابُّ أَنَا اليَوْمَ لَمْ أَفْتُرْ مِنَ الطَّوَافِ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْكَ غَيْرَ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ فَأَخْبِرْنِي بِقَضِيَّتِكَ فَقَالَ : لَوْلَا أَنَّكَ مِنْ أَعْظَمِ عُلَمَاءِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَخْبَرْتُكَ، وَإِنَّهَا لَفَضِيلَةٌ خَصَّنِي اللهُ بِهَا، أُخْبِرُكَ أَنِّي خَرَجْتُ مَعَ أَبِي حَاجًّا إِلَى بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ فِي بَعْضِ المَنَازِلِ إِذْ مَرِضَ أَبِي فَمَاتَ، وَكَانَ ذَا بَهَاءٍ وَنُورٍ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ اسْوَدَّ وَجْهُهُ وَزَرُقَتْ عَيْنَاهُ وَصَارَ رَأْسُهُ رَأْسَ حِمَارٍ، فَبَقِيتُ مُتَحَيِّرًا مُتَعَجِّبًا أُفَكِّرُ فِي حَالِهِ وَأَقُولُ كَيْفَ أُكَفِّنُهُ وَأَدْفِنُهُ عَلَى هَذِهِ الحَالَةِ، إِذْ غَلَبْتْنِي عَيْنَايَ فَنِمْتُ فَإِذَا أَنَا بِشَابٍّ قَدْ دَخَلَ عَلَى بَابِ البَيْتِ لَا بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالقَصِيرِ، كِثِّ الِّلحْيَةِ، سَبْطِ الشَّعْرِ، وَاضِحِ الجَبِينِ، أَدْعَجِ العَيْنَيْنِ، رَقِيقِ الشَّفَتَيْنِ، أَبْيَضِ الثِّيَابِ، طَيِّبِ الرَّائِحَةِ، فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِ أَبِي وَكَشَفَ الغِطَاءَ عَنْ وَجْهِهِ وَأَمَرَّ يَدَهُ اليُمْنَى فَأَذْهَبَ اللهُ عَنْهُ السَّوَادَ وَالزُّرْقَةَ وَعَادَ كَمَا كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَرَجَعَ إِلَى حَالِهِ، ثُمَّ قَامَ الشَّابُّ لِيَخْرُجَ عَلَى البَابِ فَضَرَبْتُهُ بِيَدِي وَقُلْتُ لَهُ : مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللهُ، لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيَّ وَعَلَى أَبِي بِكَ اليَوْمَ ؟ فَقَالَ : يَا شَابُّ أَمَا تَعْرِفُنِي ؟ فَقُلْتُ : لاَ، قَالَ : أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ ءَادَمَ وَلَا فَخْرُ، أََنا مُحَمَّدٌ بْنُ عَبْدِ اللهِ، إِعْلَمْ يَا شَابُّ أَنَّ أَبَاكَ كَانَ بَيْنَهُ وَيَيْنَ اللهِ شَرٌّ اسْتَحَقَّ بِهِ تَعْجِيلَ العُقُوبَةِ فِي دَارِ الدُّنْيَا وَالعَذَابَ فِي الآخِرَةِ، وَلَكِنَّ وَالِدَكَ هَذَا لَا يَفْتُرُ فِي قِيَامِهِ وَقُعُودِهِ وَطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ، فِي لَيْلَهِ وَنَهَارِهِ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيَّ، فَلَمَّا نَزَلَتْ بِهِ مَلَائِكَةُ العَذَابِ وَصَارَ إِلَى مَا صَارَ تَسَارَعَتِ المَلَائِكَةُ المُوَكَّلُونَ بِقَبْرِي فَقَالُوا : يَا مُحَمَّدُ إِنَّ فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ الَّذِي كَانَ لَا يَفْتُرُ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْكَ قَدْ نَزَلَتْ بِهِ مَلَائِكَةُ العَذَابِ فَعَسَاكَ تَشْفَعُ لَهُ إِلَى رَبِّهِ، فَاسْتَشْفَعْتُ فَشَفَّعَنِي فِيهِ رَبِّي بِفَضْلِهِ وَكَرَمِهِ.
مِنْ بَحْرِ الكَامِلِ :
قَدْ فُقْتَ يَا طَهَ جَمِيعَ الأَنْبْيَا * نُورًا فَسُبْحَانَ الَّذي سَوَّكَا
وَاللهِ يَا سَيِّدُ مِثْلُكَ لَمْ يَكُنْ * فِي العَالَمِينَ وَحَقِّ مَنْ نَبَّاكَا
يَا مَالِكِي كُنْ شَافِعِي مِنْ فَاقَتِي * إِنِّي فَقِيرٌ فِي الوَرَى لِغِنَاكَ
يَا أَكْرَمَ الثَّقَلَيْنِ يَا كَنْزَ الوَرَى * جُدْ لِي بِجُودِكَ وَارْحَمْنِي بِرِضَاكَا
فَلَأَنْتَ أَكْرَمُ شَافِعٍ وَمُشَفَّعٍ * وَمَنِ التَجَا بِحِمَاكَ نَالَ وَفَاكَا
فَعَسَاكَ تَشْفَعُ فِيهِ عِنْدَ حِسَابِهِ * فَلَقَدْ غَدَا مُتَمَسِّكًا بِعُرَاكَا
فَاجْعَلْ قِرَايَ شَفَاعَةً لِي فِي غَدٍ * فَعَسَى أَكُنْ فِي الحَشْرِ تَحْتَ لِوَاكَا
صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يَا عَلَمَ الهُدَى * مَا حَنَّ مُشْتَاقٌ إِلَى مَثْوَاكَا
وَعَلَى صَحَابَتِكَ الكِرَامِ جَمِيعِهِم * وَالتَّابِعِينَ وَكُلِّ مَنْ وَالَاكَا