الفصل الأول
آفات ترك الذكر
فبل الخوض في الحديث حول آفات ترك الذكر، لا بدّ من تحديد أوّلي لمعنى هذه الكلمة، ومرادفاتها في القرآن الكريم حتى يتبيّن لنا أي نوع من الذكر الذي نقصده في بحثنا هذا :
فمادّة ذكر في القاموس اللغوي مصدرها ذِكْرًا وذُكْرًا وذِكْرى وتِذْكَارًا : ومعناها حَفِظَ الشيء واستحضرَهُ وجرَى على لِسانِهِ بَعدَ نِسيانِهِ.
وقد ذكر أهل التفسير لكلمة "ذكر" نحوًا من عشرين معنى نشير من ضمنها إلى :
1 - القرآن الكريم : ومنه قوله تعالى : {مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ}[الأنبياء:2] وقوله تعالى أيضًا : {وَهَٰذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ}[الأنبياء:50] وقوله عز وجل : {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا...}[الزخرف:5]
2 - الرسول صلى الله عليه وسلم : قال تعالى : {قَدْ أَنـزلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا}[الطلاق:10] أي رسولا، وقيل : إنّ "أنزل" هنا بمعنى أرسل.
3 - رسالة التوحيد : {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي...}[طه:124] وقوله تعالى : {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}[الزخرف:36].
5 - الخبر : {قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا}[الكهف:83]. وقوله عز وجل :{هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي}[الأ،بياء:24].
6 - الذكر باللسان : وقد ورد بهذا المعنى في جملة كبيرة من الآيات القرآنية سنذكرها في حينها.
وغرضنا إذا في هذا الموضوع الحديث عن هذا النوع الأخير من الذكر كعمل من الأعمال الشرعية التي دعا إليها الدين الحنيف بقوّة، وحذر صاحبها من الآفات الخطيرة التي يتعرض لها إن هو أهمل هذا الجانب من الشرع من جهة، أو تقاعس عن هذا الفعل وتراخى عن القيام به من جهة أخرى.