فصل في ظهور الحق في مظاهر الأشياء
فاعلم أن العالم مظاهر الحق لأنه ظهر فيه، فهو الظاهر بآياته والعالم بها، والناظر لها، فظهور العالم موقوف على ظهور العالم، ولا ظهور للعالم إلّا به، ولا ظهور له إلا بالعالم، فقيامه ظهور العالم به، وظهوره به، وبنظره له، هو عين نظر العارف في العالم، وهو مرآت له، فرأي الحق ظاهر فيه، كقول بعض العارفين : "ما رأيتُ شيئًا إلّا رأيتُ الحقّ فيه" والحق ظاهر في العالم، فهو مُحتجب بالحجب الظلمانية، والأستار النورانية، ولذلك أشار بقوله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ للهِ سَبْعِينَ أَلْفِ حِجَابٍ...) إلخ.
فظهوره عين اختفائه بالحُجب، وهيَ العالَم، واختفاؤه عين ظهوره بحقيقة آدم، فليس له حجاب إلا النور، ولا اختفاء إلا الظهور، فهو ظاهر في المظاهر، ومختفي عن أعين كل ناظر، إلا عين الإنسان الكامل، فإنها عينه، ووجود كونه، وهو بكل شيء عليم.