خصائص الشّعر الصّوفي :
وُيجمل عبد المنعم خفاجي خصائص الشعر الصوفي في الآتي :
- الشعر الصوفي عني بالنفس والحديث عنها عناية كبيرة، ولجأ إلى أسلوب التحليل النفسي الدقيق.
- الشعر الصوفي برمزيته الأسلوبية والموضوعيه، هو صاحب نزعة سريالية؛ التي تدعو إلى التحلل من كل منطق تقليدي .
- الشعر الصوفي ينزع إلى الحديث عن النفس وأعماقها، وعن الرؤى والأحلم والعقل الباطن.
- الشعر الصوفي عبر عن الحب أعظم تعبير، واتخذه مذهبا في الحياة ودعا إليه، وحرض عليه.
- يتميز بالتحليق في عالم الأرواح في السماء، في النور، في جماله، وجلاله.
- يتميز بثراء المعاني واتساع الخيال، وتنوع الأغراض، والقدرة على استخدام الألفاظ، والتعبير بالصورة والموهبة والذكاء في استخدام الصور لرسم خطوط الفكرة ونسج خيوطها.
- يتميز بأنه تعبير عن وجدان الشاعر وعن ذاته وأعماق نفسه، وهو مذهب رومنسي حالم، إشراقي النزعة، روحي الهوى.
- يتميز بتنوع الموضوعات؛ من زهد وحب إلهي وغزل وخمرة، ومدائح نبوية ..
النّثر الصّوفي :
إن النثر الصوفي ميدان واسع الأرجاء، ويعهد نتيجة تعبيرية عن عقول مؤمنة عابدة متبتلة من بداية حركة التصوف إلى اليوم، وهو أدب يُعبر عن روح الإسلام، ويستمد منه مادته الخطابية، ومن أجناسه الأدبية:
الحكم :
وهي فن من فنون الأدب العربي ،جاءت في ثوب نصيحة متمخضة عن تجارب في الحياة، غير أن الصوفية صبغوها بصبغة روحية ،وألبسوها ثوباً جديداً من الورع والزهد والتقوى، وقد عرف في هذا المجال ابن عطاء الله السكندري،الذي يقول في كتابه الحكم العطائية:
«اجتهادك فيما ضمن لك ،وتقصيرك فيما طُلب منك دليل على انطماس البصيرة منك»، ويقول أيضا :«لا يكن أمد تأخر العطاء مع الإلحاح في الدعاء موجباً ليأسك ،فهو ضمن لك الاستجابة فيما يختاره لك ، لا فيما تختاره لنفسك ،وفي الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد».
الوعظ والنصائح والوصايا :
وهذا النوع من النثر الصوفي لقي إقبالاً واسعاً، ورتع منه العديد من أهل التصوف وشيوخ الطرق والتربية، لأنه الوسيلة التي عن طريقها يتم تربية المريدين بالخصوص، والدعوة إلى خير الدارين لعامة الناس ومن الذين برزوا في هذا الاتجاه الإمام علي كرم الله وجهه؛ الذي يقول في نهج البلاغة واعظاً:" إنما الدنيا منتهى بصر الأعمى، لا يُبصر مما وراءها شيئا، والبصير ينفذ ببصره، ويعلم أن الدار وراءها، فالبصير منها شاخص، والأعمى إليها شاخص، البصير منها متردد، والأعمى بها متزود "
كما يقول ابن عطاء الله السكندري ناصحاً :«يا عبد الله دينك هو رأس مالك، فإن ضيعته ضيعت رأس مالك ،فاشغل لسانك بذكره ،وقلبك بحبه ،وجوارحك بخدمته ،وأحرث وجودك بالمحارث حتى يجيء البذر فينبت ،ومن فعل بقلبك كل ما يفعل الفلاح بأرضه أنار قلبه، مثالك مثال رجلين اشتريا أرضاً قياساً واحداً فأخذ الواحد فنقاها من الشوك والحشيش ،وأجرى بها الماء ، وبذرها فنبتت وجنى منها ،وانتفع بها ، فهذا كمن نشأ في الطاعة ،قد أشرقت أنوار قلبه، وأما الآخر فإنه أهملها حتى نبت فيها الشوك والحشيش ،وبقيت مأوى للأفاعي والحيات ، فهذا قد أظلم قلبه بالمعاصي».
وجاء نص وصية للغزالي في الإحياء يشرح فيها قول سيدنا عمر :«حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا"، فحواها: " إنما حساب المرء لنفسه أن يتوب عن كل معصية قبل الموت ،ويتدارك ما فرط من تقصير، حتى يموت ولم يبق عليه مظلمة ولا فريضة ،فهذا يدخل الجنة بغير حسا ٍب ،وإن مات قبل رد المظالم أحاط به خصماؤه ،فهذا يأخذ بيده ،وهذا يقبض بناصيته ،وهذا يقول ظلمتني،وهذا يقول شتمتني ،وهذا يقول استهزأت بي ، وهذا يقول ذكرتني في الغيبة بما يسوءني ،وهذا يقول جاورتني فأسأت جواري ... فعندئذ ينخلع قلبك من الهيبة وتوقن نفسك بالبوار، وكذلك تؤخذ حسناتك التي فنيت فيها عمرك ،وتنقل إلى خصمائك عوضاً عن حقوقهم ».
المناجاة :
وهو الأدب الذي خصصه الصوفية في مناجاة الله تبارك وتعالى وخطابه، والتحدث إليه، وبث شكواهم والاستئناس به في الخلوات عن طريق هذه المناجاة، طلباً للرضى والفتح في طريق السلوك إليه، والفوز بالقرب وطي المقامات، للوصول إلى المعرفة الربانية، عن طريق مواجيد التأوهات، والتحنن إلى رب السماوات.
وفي هذا الصدد يقول معروف الكرخي :" سيدي بك تقرب المقربون في الخلوات،ولعظمتك سبحت الحيتان في البحار الزاخرات ،ولجلال قدسك تصافقت الأمواج المتلاطمات، أنت الذي سجد لك سواد الليل وضوء النهار، والفلك الدوار، والبحر الزخار، والقمر النوار، والنجم الزهّار، وكل شيء عندك بمقدار لأنك العلي القهار.