فـما لِعَيْنَـيْكَ إِنْ قُلتَ اكْفُفَـا هَمَـتَا * وَمَا لقلبِكَ إِنْ قُلْتَ اسْـتَفِقْ يَهِــمِ
"الفاء" للتفريع، و"ما" للاستفهام و"إن" أداة الشرط، و"قلت" فعل الشرط و"اكففا" مقولهُ و"هما" جزاء الشرط و"القلب" شكل صنوبريّ في وسط الصّدر وهو منبع الحياة أو سرّ لطيف به يحصل الإدراك وهذا هو الحقّ ولكن يعبر عنه بهذه الجارحة تقريبًا للأذهان. والمعنى : فيا منكر العشق والحبّ أي شيء حصل لعينيك إن قلتَ امنعا تغرران وتسيلان دمعا وأي شيء لقلبك إن قلت له أفق من غمرة العشق بتحيّر ولم يدرك أين هو ثم التفت من الخطاب إلى الغيبة فقال :
أيحَســب الصَبُّ أنَّ الحبَّ مُنكَتِــمٌ * ما بينَ منسَــجِمٍ منه ومُضْـطَـرِمِ
الهمزة للاستفهام الإنكاري و"الصّب" العاشق و"المنكتم" المستور و"المنسجم" الدموع الهاطل و"المضطرم" المتلهب.
والمعنى : أيظنُّ العاشق انكتام المحبّة وهو بين دموع منحدر منه وقلب مشتعل ثمّ التفت من الغيبة إلى الخطاب فقال :
لَوْلَا الهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمْعـــاً عَلَى طَلِلِ * ولَا أَرِقْتَ لِــذِكْرِ البـانِ والعَلَـمِ
و"لولا" حرف تخصيص فإذا دخل على الاسم أي المبتدأ يكون لامتناع الشيء لوجود غيره لكونه للشرط فيكون الانتفاء الجزاء لوُجود الشرط و"الهوى" المحبّة و"الطّلل" ما ارتفع من آثار ديار الأحباب و"البان" نوع من الشجر له أغصان لطيفة أحمر تميل إلى الصّفرة وهو المسمّى بخلاف بالتخفيف و"العلم" اسم جبل والمراد هنا موضعان بالحجاز.
والمعنى : لولا محبّتك وميلك للمعشوق موجود لَما بكيت وصببت دمعًا على ذكر آثار ديار الأحباب، ولا سهرتَ أي ما ذهب نومك على ذكر البوادى وجبال المنازل وفي البيت من البديع الجناسُ الشبيه بالمشتق في لم نرق وأرقت.