آخر الأخبار

جاري التحميل ...

مدارج السالكين إلى رسوم طريق العارفين -13

ومنها : أن لا يهب لشيخه ابتداءً، ولا يلبس له ثوبًا، ولا يجلس له على سجادة، وإذا وهبه شيخه عراقية أو نعلاً، أو قميصًا أو رداء، فليظهر توقير ذلك الثوب، وليجهد في نفسه أن يكون على أخلاق الشيخ من الكرم والحياء والدين، أو النظافة الباطنة، والطاهرة لئلّا يسيء الأدب مع ذلك الشيء الذي كان من ملبوس شيخه، وينبغي إذا أراد معصية أن ينزعه عنه، وكذالك لا يمشي قط بنعل أعطاه له شيخه إلى مواطن الفرح، وأهوية النفوس، فضلًا عن المعاصي هكذا درح عليه الأشياخ رضي الله عنهم، وقد وهب بعض الأشياخ لمريده رداءً، فرأى ذلك المريد، وقد بسط ذلك الرداء على رجليه فقال له : يا ولدي، احفظ الأدب مع أثر الفقراء وعظمه ثم أنشد يقول هذه الأبيات :

مَا حُرْمَةُ الشَّيْخِ إِلاَّ حُرْمَةُ اللهِ * فَــقُــمْ بِــهَــا أَدَبًــــا لــلــهِ بِاللهِ
هُـمُ الأَدِلاَّءُ وَ الـقُرْبَى تُؤَيِّدُهُمْ * عَـلَـى الـدّلاَلَةِ تَـقْرِيبًا مِـنَ اللهِ
الـوَارِثُونَ هُمُ لِلرُّسْلِ أَجْمَعِهِمْ * فَــمَــا حَـدِيـثُـهُمُ إِلاَّ عَـــنِ اللهِ
كَـالأَنْبِيَاءِ تَرَاهُمْ فِي مَحَارِبِهِمْ * لاَ يَـسْأَلُونَ مِـنَ اللهِ سِـوَى اللهِ
فَــإِنْ بَـدَا مِـنْهُمُ حَـالُ تَـوَلُّهِهِمْ * عَـنِ الشَّرِيعَةِ فَاتْرُكْهُمْ مَعَ اللهِ
لاَ تَـتَّبِعْهُمْ وَ لاَ تَسْلُكْ لَهُمْ أَثَرًا * فَــإِنَّـهُـمْ طُـلَـقَـاءُ اللهِ فِـــي اللهِ
لاَ تَقْتَدِي بِالَّذِي زَالَتْ شَرِيعَتُهُ * عَـنْهُ وَ لَوْ جَاءَ بِالأَنْبَا عَنِ اللهِ

قلت : وقد رآني شيخي رضي الله عنه يومًا وضعت ردائي على رجلي، فقال لي : "يا أخي الزم الأدب مع من خاطبت من ناطق، أو صامت، فإن الله ما جعل الرداء للرجلين، وإنما جعله للكتفين". ووقع لي أنني استحييتُ أمشي في حارته بنعل،، فخلعت نعلي، ومشيت إليه حافيًا، فأعجبه ذلك مني وقال لمن كان جالسًا عنده بخفض صوت : "إذا كان هذا أدبه مع مخلوق فكيف يكون أدبه مع الله تعالى"، فسررتُ بذلك، رضي الله عنه، فاعلم ذلك.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية