آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شرح بردة البوصيري-5

 فكيفَ تُنْكِـرُ حبا بعدمـا شَــهِدَت * به عليـك عُدولُ الدمـعِ والسَّـقَمِ


"الفاء" عاطفة و"كيف" جار مجرى الظروف ومبنيّ على الفتح لتضمنه معنى الاستفهام متعلق بتنكر منصوب محلّ أعلى المفعولية، والاستفهام للتعجب و"الحبّ" ميل القلب إلى الشيء والتنكير للتعظيم و"بعد" هنا بمعنى "مع" كما في قوله تعالى : (بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ) والشهادة هنا مستمرّة غير مقطعة والبعدية إنما يكون حقيقة فيما كان منقطعا و"شهدت" أخبرت و"العُدُول" جَمعُ عادل و"السّقم" إطالة المرض.

والمعنى : على أيّ وجد تنكر حبًّا عظيمًا مع إخبار عُدول الدمع به عليك وإطالة المرض.

وأثبَتَ الـوَجْدُ خَـطَّي عَبْرَةٍ وضَـنَى * مثلَ البَهَـارِ على خَدَّيـك والعَنَـمِ

"الوَجْدُ" الحزن و"خَطَّيْ" تثنية خط حُذفت النون للإضافة و"العبرة" الدمع و"الضَّنى" الضّعف و"البهار" ورد أصفر مشهور و"العنم" شجر أحمر هو الطّرفاء شبه صفرة الوجه من الضعف بالبهار وحمرة الخدّ من أثر الدمع بالعنم.

والمعنى : فكيف أيّها العاشق وجدانَ حبّ عظم مع شهادة الدّموع الهاطلة والأسقام المتنوعة وبعد ما أثبت الحزن فيك صفرة الوجه وحمرة الخدّ. 

ولمّا ثبت كون المخاطب محبًّا رجع إلى التجريد واعترف بالحبّ فقال :

نَعَم سـرى طيفُ مَن أهـوى فـأَرَّقَنِي * والحُبُّ يعتَـرِضُ اللـذاتِ بالأَلَـمِ

"نعم" حرف تصديق و"سرى" أي جاء في الليل و"الطّيفُ" الخيالُ و"الهوى" المحبّة والعشق "فأرَّقني" أسهرني و"اللذّة" إدراك الملائم من حيث هو ملائم و"الألم "سببه الذّاتي تفرق الاتصال، كذا قاله الحكماء، وقال الإمام الرّازي : تفرّق الاتصال بعد القطع لسوء المزاج.

والمعنى : صدقتَ فيما قلت، ولكن لشدّة حُبِّي لمحبوبي لمّا سرى خياله اننتبهتُ فرقًا فجائني الأرق؛ لأنّ شأن الحبّ أن يحول بين المحب ولذّاته بألم عدم الوصول والفراق.

      

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية