يــا لائِمي في الهوى العُذْرِيِّ مَعـذرَةً * مِنِّي اليـك ولَو أنْصَفْـتَ لَم تَلُـمِ
عَدَتْـــكَ حالي لا سِـرِّي بمُسْـتَتِرٍ * عن الوُشــاةِ ولا دائي بمُنحَسِــمِ
و"العذري" نسبةً إلى بني عذرة بالذّال المعجمة، قبيلة من العرب قد اشتهر رجالهم بوقود العشق، ونساؤهم بفرط العفّة. "عدتك" أي بلغتك الوشاة ، جمع واش، وهو الكذب و"الداء" المرض، و"المنسجم" المنقطع، و"معذرة" مفعول مطلق للفعل المحذوف.
والمعنى : يا لائمي على محبّتي لتلك المحبوبة أعتذرُ معذرة منِّي إليك بأنه قد بلغك حالي، وعرفت لوعتي وغرامي "لا سِـرِّي بمُسْـتَتِرٍ" أي مكتتم ولا مرضى بمنقطع "ولَو أنْصَفْـتَ لَم تَلُـمِ" لأن العاشق ليس محلًّا للملامة إذ ليس زمام الاختيار بيده ولا ستره بمكتتم عن الواشين ولا مرضى بمنقطع.
مَحَّضْتَنِي النُّصْحَ لكِنْ لَســتُ أسمَعُهُ * اِنَّ المُحِبَّ عَنِ العُــذَّالِ في صَمَـمِ
اِنِّي اتَّهَمْتُ نصيحَ الشَّـيْبِ فِي عَذَلِي * والشَّـيْبُ أبعَـدُ في نُصْحٍ عَنِ التُّهَمِ
"المحض" الخالص، و"العذال" اللوّام، و"العذل" اللوم، و"الشيب" بياض الشعر، و"التُّهَمُ" جمع تهمة بالسكون، والإعراب : محضت و"التاء" فاعلم، و"النون" للوقاية و"الباء" مفعول، و"لكن" للاستدراك، و"أي" لرفع وهم حصل للسامع أنه إذا كان النصحُ خالصًا فقد يقبل، و"عن العذال" متعلق بصمم، و"في صمم" متعلق بمحذوف من الأفعال العامة، وهو الفعل عند البصريين لأنه الأًصل في العمل، واسم الفاعل عند الكوفيين لأنه أولى بالحذف لضعف عمله، والباقي ظاهر الإعراب لا يحتاج إلى التفصيل.
والمعنى : نَصحتني أيها الناصح نصيحةً خالصةً، لكن لفرط محبّتي لستُ أسمعُهُ لأنّ العاشق أصمّ عن العذّال، حتى اتهمت الشيب في نصحه لي مع أنّ الشيب أبعد النّصحاء عن التُّهم.