آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الانتصار للأولياء الأخيار-8

وذكر الشيخ عبد الغني الشامي في كتابه "كشف النور" قال :
حكى الشيخ عبد الله بن زيني اليابري الإشبيلي : أنه قرأ ليلةً تأليف أبي القاسم بن أحمد في الردّ على الغزالي فعمي، فسجد لله تعالى من حينه، وتضرّع، وأقسم أنّه لا يقرأه أبداً، ويذهبه الله سبحانه وتعالى، فردّ الله سبحانه وتعالى عليه بصره. 

وقد حكى الشيخ الفقيه خير الدّين الرملي الحنفي : أنّ بعض المنكرين رأى أن القيامة قد قامت ونصبت أوانٍ في غاية الكِبَر، وأغلي فيها ماءً تطاير منه الشّرر، وجيء بجماعة، فسلقُوا فيه حتى تهرّى اللّحم والعظم.. فقال : ما هؤلاء ؟ قال : الذين ينكرون على ابن العربي وابن الفارض رضي الله عنهما.

وذكر الشيخ عبد الوهاب الشعراني في "العهود المحمدية" قال :

حكى لي شيخي الإمام المحدِّث الشيخ أمين الدين إمام جامع الغمري بمصر عن شيخ الإسلام صالح البلقيني :  مرَّ يومًا ب"باب اللّوق" فوجد هناك زحمة، فقال : ما هذه الزّحمة ؟ فقالوا : شخص من أولياء الله يبيع الحشيش. فقال : لو خرج الدجّال حينئذ في مصر لاعتقدوه من شدّة جهلهم، كيف يكون حشَّاشٌ من أولياء الله تعالى ؟ إنما هؤلاء حرافيش، ثم ولّى، فسُلبَ جميع ما معه حتى الفاتحة، فتنكّرت عليه أحواله وصارت الفتاوى تأتي إليه فلا يعرف شيئًا، ونسيَ ما قاله في حقّ الحشّاش، فمكث كذلك في مدرسة بحارة "بهاء الدّين" ثلاثة أيام فدخل عليه فقيرٌ، فشكا إليه حاله،، وأفشى له سرّه، فقال : هذا من الحشّاش الذي أنكرت عليه، فإن الفقراء أجلسوه هناك يتوِّبُ الناس عن أكل الحشيش، فلا يأخهدها أحد من يده، ويعود يأكلها أبدًا حتى يموت، فأرسل : استغفر له يُردُّ عليك حالك، فأرسل له، فبمجرّد ما أقبل الرسول أنشده الشيخ :

نحنُ الحرافيشُ لا نسكنُ علالى الدُّور * ولا نرائي ولا نشهدُ شهادة زور
نقنعُ بلقمةٍ وخرقةٍ بمسجدٍ مهجورٍ * مَنْ كان ذا الحال حالُه ذنبهُ مغفور

فلو كنّا عصاة نبيع الحشيش ما قدرنا على سلب شيخ الإسلام، ثمّ قال : سلِّم على شيخ الإسلام وقل : اعمل أربعة خراف معاليف شواء، وأربعمائة رغيف، وتعال اجلس عندي كل من بعته قطعة حشيش زِن له رطلاً، وأعطه رغيفًا. 

فشقّ ذلك على شيخ الإسلام، فما زال به أصحابه حتى فعل ذلك، وصار يزن لكل واحد الرّطل، ويعطيه الرغيف والشيخ يبتسم، ويقول : نحن نحلّيهم في الباطن وأنت تحلّيهم في الظاهر إلى أن فرغ.

ثم قال له : اذهب إلى الدِّيك الذي فوق سطح مدرستك فاذبحه، وكُلْ قلبه يردّ عليك عملك، فبالله عليك كيف تتكبّر على المسلمين بعلمٍ حمله الدّيك في قلبه، فمن ذلك اليوم ما أنكر البلقيني على أحد من أرباب الأحوال، هذه حكاية أمين الدين عن ولد الشيخ سراج الدين.

وكان قبل ذلك يُنكر على سيدي عليّ بن وفاء أشدّ الإنكار، فلما وقعت له هذه الواقعة من الحشّاش تاب إلى الله تعالى عن الإنكار، وأوصى سيدي علي بن وفاء أن يصبّ عليه الماء إذا مات، ففعل له ذلك وقال والله لقد رجع أمرك إلى سلامة. وكان الشيخ عليّ الخواصّ رحمه الله تعالى يقول : لو أنّ كمال الدُّعاة إلى الله تعالى كان موقوفًا على أطباق الخلق كلّهم على تصديقهم لكان الأولى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلّم والأنبياء عليهم السلام قبله صدّقهم قوم، فهداهم الله تعالى بفضله، وحرم آخرون، فأشقاهم الله تعالى بعَدلِه.

ولمّا كان الأولياء والعلماء على أقدام الرسل في مقام التّأسّي بهم انقسم النناس فيهم فريقن : فريقٌ معتقدٌ مُصدِّقٌ، وفريقٌ منتقدٌ مُكذِّبٌ، كما وقع للرسل عليهم السلام، ليحقِّق الله تعالى بذلك ميراثهم، فلا يصدّقهم ويعتقد صحّة علومهم وأسرارهم إلّا من أراد الله تعالى أن يلحقه بهم ولو بعد حين.

وأمّا المكذب لهم المُنكر عليهم فهو مطرودٌ عن حضرتهم لا يزيده الله تعالى بذلك إلّا بُعدًا.

وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي قدِّسَ سرّه : ولمَّا عَلِمَ الله تعالى ما سيقال في هذه الطائفة على حسب ما سبق به العلم القديم بدأ بنفسه، فقضى على قوم أعرضوا عنه بالشقاء، فنسبوا إليه زوجة وولدًا وفَقرًا وغير ذلك، سبحانه وتعالى عمّا يقولون علوًّا كبيرًا، فإذا ضاق ذرع الوليّ أو الصّديق لأجل كلام قيل فيه : مِن كُفرٍ وزندقةٍ وسحرٍ،  وجنونٍ وغير ذلك نادته هواتف الحقّ تعالى في سرِّه : أما ترى إخوانك من بني آدم كيف وقعوا في جنابي، ونسبوا إليّ ما لا ينبغي لي ؟ فإن لم ينشرح لما قيل فيه نادته هواتف الحق تعالى : أما لك أُسوةٌ بي، فقد قيل فيّ، وقيل في حبيبي محمّد، وفي إخوانه من الأنبياء والرّسل ما لا يليق بمرتبتهم من السحر والجنون وغير ذلك، فيسكن قلبه عند ذلك.


التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية