(لَا تَتَعَدَّى نِيَّةَ هِمَّتِكَ إِلَى غَيْرِهِ، فَالْكَرِيمُ لَا تَتَخَطَّاهُ الْآمَالُ)
الهِمَّة العليَّة تأنف من رفع حوائجها إلى غير الكريم، ولا كريم على الحقيقة سوى الله تعالى. قال الجنيد رضي الله تعالى عنه : الكريم الذي لا يُحْوِجك إلى مسألة.
وقال الحارث المحاسبي رضي الله عنه : الكريم الذي لا يبالي مَن أعطى.
وقيل : الكريم الذي لا يخيّب رجاء المؤمّلين.
وأجمع العبارات في معنى وصف الكريم، ما قيل : الكريم : هو الذي إذا قدر عفا وإذا وعد وفى، وإذا أعطى زاد على منتهى الرجاء، ولا يبالي كم أعطى ولمن أعطى، وإن رُفِعَت حاجةٌ إلى غيره لا يرضى، وإذا جَفَا عاتبَ وما استقصى، ولا يضيع من لاذ به والتجأ، ويغنيه عن الوسائل والشفعاء.
فإذا كانت هذه الصفات لا يستحقها أحد سوى الله تعالى فينبغي إذن ألا تتخطاه آمال لمُؤمَلين إلى غيره، كما قال بعضهم :
حرام على من وحَّدَ الله رَبَّه * وأَفْرَدَهُ أن يجتدي أَحدًا رِفْدًا
ويا صاحبي قف بي مع الحق وَقْفَةً * أموتُ بها وَجْداً وأحيا بها وُجْدًا
وقل لملوك الأرض تَجْهَدُ جُهْدها * فذا الملكُ مُلْكٌ لا يُبَاعُ ولا يُهْدَى