آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الخطاب الرّوحي في الأدب الصوفي -44

أما مفهوم الخطاب الأدبي كما يراه محمد مفتاح فهو :

1 - مدونة كلامية : يعني أنه مؤلف من كلام، وليس صورة فوتوغرافية أو رسما أو عمارة أو أزياء، وإن كان الدارس يستعين برسم الكتابة وفضائلها وهندستها في التحليل.
2 - حدث : إن كان خطابا، هو حدث يقع في زمان ومكان معينين لا يعيد نفسه إعادة مطلقة مثله في ذلك مثل الحدث التاريخي.
3 - تواصلي : يهدف إلى توصيل معلومات ومعارف ونقل تجاربه إلى المتلقي.
4 - تفاعلي : على أن الوظيفة التواصلية في اللغة، ليست هي كل شيء فهناك وظائف أخرى للخطاب اللغوي، أهمها الوظيفة التفاعلية التي تقيم علاقات اجتماعية بين أفراد المجتمع وتحافظ عليه.
5 - مغلق : ونقصد به انغلاق سمته الكتابية الأيقونة التي لها بداية ونهاية ولكنه من الناحية المعنوية.
6 - تداولي: إن الحدث اللغوي ليس منبثقا من العدم، وإنما هو متولد من أحداث تاريخية ونفسانية واجتماعية ولغوية... وتتناسل منه أحداث لغوية أخرى لاحقة له، فالخطاب إذن مدونة حدث كلامي ذي وظائف متعددة.

ويرى"بياجرو" (Piagero) أن الخطاب يفرز أنماطه الذاتية و سننه العلمية و الدلالية فيكون سياقه الداخلي هو المرجع ، ليقيم دلالاته حتى لكأن الخطاب هو معجم لذاته.

كما ينحو " ر. ل. فاغنر" (Fagner) المذهب نفسه، فيرى أن الخطاب الأدبي صياغة مقصودة لذاتها، ولغته تتميز عن لغة الخطاب العادي أو النفعي بمعطى جوهري لأنه مرتبط بأصل نشأة الحدث اللساني في كلتا الحالتين، فبينما ينشأ الكلام العادي عن مجموعة انعكاسات مكتسبة بالمران و الملكة نرى الخطاب الأدبي صيغ للغة عن وعي و إدراك.

فليس في الأشكال الأدبية كالسرد مثل أو الوصف والتشبيه ما يجعلها أدبية محضة، فقد تصادفها في أنواع أخرى من الخطاب، مما يؤدي إلى استحالة وجود قوانين خاصة بالخطاب الأدبي، وبالتالي تجريد مصطلح الأدبية من معناه السابق، وتعويضه بالإيحاء الاجتماعي الذي يختلف باختلاف الثقافات والعصور.

و حسب عبد السلام المسدي "فإن الخطاب الأدبي ينتمي إلى صاحبه من حيث أنه كلام مبثوث، أما أدبيته فهي بالأساس وليدة تركيبة الألسنة ، أي وليدة ما ينشأ بين العناصر اللغوية من أنسجة متنوعة متميزة ... و من هنا يمكن الإقرار بأن سمة الأدبية في الفن لم تعد محصورة في بعض أجزائه دون الأخرى ، و لا فيما يتولد عن بعضها من صور أو انزياحات، و إنما هي ثمرة لكل بناء خطابي حتى و لو تجلت ظاهريا في شكل مقطع محدد منه ... فأدبية الخطاب وليدة التركيبية الكلية لجهازها اللغوي انطلاقا من الروابط القائمة فيه الضابطة لخصائصه البنيوية ".

والذي يهمنا أن ثمة علاقة بين الجمال والخطاب، لأن عملية التذوق تقتضي وجود طرفين، الطرف الأول هو الإنسان والطرف الثاني هو الموضوع الجمالي فإن ثمة فعل منعكسا يصدر عن الإنسان يعبر عن تفاعل الذات الإنسانية مع الموضوع الجمالي، حيث تتعطل ملكاتها العادية وتتوقف عن التفكير، فالتذوق الجمالي يبدأ أولا بالحس، ويعبر عنه بالانفعال ثم ينتقل ثانيا إلى العقل في عملية الإدراك والتقويم الجماليي.

ويرى حسن الصديق : على الأديب ألا يكتفي بالثقافة التي تغني فكره ، وتوسع دائرة تجاربه ، وتفيده في مضمون فنه، و إنما عليه أيضا أن يهتم بجمال أداته اللغوية فيتجنب في كتابته الكلمات الممجوجة الثقيلة على السمع، و يبتعد عن التكليف أو يهرب من أسلوب أصحاب الآراء و المتكلمين الذين يتخذون من العمل الفني منبرا للوعظ و الإرشاد، أو يشرح عقائدهم ومذاهبهم ، و على الأديب أن يكون مهتما بأدبه و فنه، و لا يفتأ يسعى نحو الأفضل و إن كلفه ذلك جهدا كبيرا من سعى إلى الجمال في الفن الأدبي و ذلك بعد الخضوع لسحر اللفظ على حساب المعنى ، و بالتوفيق بين الشكل والمضمون توفيقا متكامل يؤدي ما يراد من غاية سامية وأخلاقية.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية