لَــوْ كُنْتُ أَعْلَـمُ أنِّي مَــا أُوَقِّرُهُ * كَتَمْتُ سِـرَّا بَــدَا لِي مِنْهُ بِالكَتَمِ
"مَا" نافية،"أُوَقِّرُهُ" أعظِّمهُ، التوقير التعظيم، "كَتَمْتُ" سترتُ، "بَدا" ظهر، الكَتَم بفتح التاء نَبت يختضب به كالحنّاء، وضمير "منهُ" راجع إلى الشيب، كضمير "أُوقِّرهُ" لأن الضيف في البيت المتقدِّم عبارة عنه.
والمعنى : لو كنتُ أعلمُ قبل نزوله عدم توقيره وتعظيمه لكتمتُ السرّ الذي ظهر لي منه ، أي من الضيف الذي هو الشيبُ، والحاصل لو كنتُ أعلم بأنّ العشق شيء ثقيل ما أتحمَّلُه لِثقلِه وعظمه، ما كنتُ أفشاه بل كتمته بالكتم، أي الستر عن الناس، ولكن ظننته شيئًا خفيفًا غير ثقيل فأَظهرتُهُ. ثمّ أراد استرجاع ما فات فقال :
مَنْ لِي بِرَدِّ جِمَــاحٍ مِنْ غَوَايَتِهَــا * كَمَا يُرَدُّ جِمَاَحُ الخَيْــلِ بِالُّلُـجُمِ
"مَنْ" استفهامية مرفوع محلّا على أنه مبتدأ و "لِي" متعلق بمحذوف من الأفعال مع "بِرَدِّ"، والجملة الفعلية عند البصريين والإسمية عند الكوفيين مرفوع المحل على الخبرية و"جِمَاحُ" مضاف إليه "لردّ"، و"مِنْ غَوَايَتِهَــا" متعلق بِرَدِّ و"الكاف" للتشبيه و"مَا" مصدرية، و"يُرَدُّ " مبني للمفعول، و"جِمَاح" نائب الفعل و"الخيل" مضاف إليه و"بِالُّلُـجُمِ" متعلّق بِرَدِّ، والجملة في تأويل المصدر صفة للمفعول المطلق المحذوف، و"الجماح" مصدر "جَمَحَ" الفَرس إذا غلب فارسه، ويقال للجماح بالفارسي "سركش" و"الغواية" الضلالة، و"اللجم" فارسي معرب لكم بالكاف الفارسي.
والمعنى : من المعين والكائن لي برد نفسي الأمّارة بالموعظة الحسنة عما عليه من ضلالتها رَدًّا كردِّ جِماحُ الخَيْلِ باللُّجمِ، والحاصل الرضا يضمن بصرف نفسي الجامحة من غوايتها أي عشقها كما يرد.. إلخ.
فـَلَا تَرُمْ بِالمَعَاصِي كَسْـرَ شـهوَتهَا * اِنَّ الطَّعـامَ يُقوِّي شَـْـَهوةَ النُّهَمِ
"فـَلَا تَرُمْ" فلا تكلب معاصي، جمع معصية، وهي ما خالف الشرع، و"الشَّهْوَة" ميل الطبع إلى ما يحبُّه، و"النُّهَمِ" الحريص على الأكل، والإعراب ظاهرٌ.