آخر الأخبار

جاري التحميل ...

المراقبة

المراقبةُ حالةٌ تختصُّ جميعَ كليةِ العبدِ بين يدي ربِّه عز وجل بجملةِ قلبه وجوارحه، فلا يبقى فيه ذرّة إلّا وهي قائمةٌ شاخصةٌ خاضعة، لا تتحركُ منه الشعرةُ، ولا يطبق الجفنُ على الجفنِ من مراقبتهِ لربِّه تعالى، كأنَّ السيفَ مشهورٌ على رأسه، والجبلَ هابطٌ عليه، والسموات والأرض قد اجتمعت عليه وهو بينهما.

وقال الشيخ أبو العباس الملثم رحمه الله تعالى : أن المراقبةَ نتيجةُ الهيبةِ، والهيبةَ نتيجةُ العظمةِ.

فسبحان من تفرّد بالعظمةِ والكبرياء وتعالى عن الأمثالِ والأشباهِ والنظراء، وتقدّس عن النوّابِ والحجابِ والوزراءِ، وحيث نتهت العقولُ إلى عظمته وكبريائه فهو أعظم، وأكبر من ذلك، وحيث سرى كشفُك واطّلاعُك إلى شيء من معرفتهِ فلستَ هنالكَ وحدَكَ.

فمنَ المعرفةِ العجزُ عن المعرفة، وأنت عن معرفةِ العجزِ عاجز، وبينك وبين ذلك حاجز.

والمراقبةُ من المقامات العليّة إذا تحقَّقَ المُراقِبُ بالكمالِ واستولى عليه سلطان جلالِ الجمالِ يضمحِلُّ وجودُه إلى أن يتجلَّى عليه جمالُ الجلالِ فيكون بين جمالِ الجلالِ وجلَالِ الجمالِ مبهوتًا لاَ يَطرَفُ طَرفَةَ عيْنٍ.

وقال ابن العربي في كتابه "مدينة العارفين" : أنَّه رأى ملَكًا واقفًا بين يدي الله تعالى مُطْرِقًا إلى الأرضِ طرفُهُ على موضعِ قَدمِهِ لا يتحرَّكُ منه شعرة، وهو هكذا على الدوام، يتعلَّم العارفون منه المراقبةَ.

وقال ممَّن كان يَعدُّ أنفاسَه، الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد القُشيري رحمه الله تعالى : ما تكلَّمتُ كلمةً قط إلّا وعَلِمتُ أنِّي أُعرِضُ على الله تعالى وأقولُها بين يديهِ، وهي أدنى أحوالِ المراقبين.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية