آفة الوسوسة
الوسوسة هي سيطرة الخاطر الشيطاني على القلب وجثومه عليه بحيث يسمع ما لا يرضي الحق دون إرادة للقلب في ذلك، أخرج ابن أبي الدنيا وأبو يعلى والبيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الشَّيْطانَ واضِعٌ خَطْمَهُ على قلبِ ابنِ آدَمَ، فإنْ ذَكرَ اللهَ خَنَسَ، وإنْ نَسِيَ التَقمَ قلبَهُ).
ويظهر من خلال الأحاديث المتحدثة عن وسوسة الشيطان أن الذكر الذي يطرد الخاطر الشيطاني هو ذكر القلب لا ذكر اللسان وحده، لأن سيطرة الشيطان عن القلب لا يقضي عليها إلا وارد نوراني نبع من القلب فطرده، ولهذا تجد كثيرًا ممن يحركون ألسنتهم بالذكر، ولكن وسوسة الشيطان تتضاعف في قلوبهم لأن عش الغفلة لم يهدم منها.
آفة صدإ القلب
يتعرض قلب الغافل عن الله لهجوم مكثف من طرف جراثيم الذنب والآثام، حتى يذهب بياضه وتحل محله نقط سوداء تظلمه وتحيط به فتصيبه بالصدإ، ومعلوم أن الصدأ يصيب معادن دون أخرى، وأقوى معدن معرض له هو الحديد بوجه خاص، أي أن القلوب إذا كان معدنها ذهبًا فإنها تسلم من هذا الصدإ ولا يكون كذلك إلا إذا وجدت كيمياء السعادة التي تقلب الحديد ذهبًا، وأما من لم يصل لوجود هذا الإكسير، وترك قلبه لاهيًا عن الحق، فإن حديدته مرتع لسواد الصدإ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :{لِكُلِّ شيْءٍ صِقَالَةٌ، وَإِنَّ صِقَالَةُ القُلُوبِ ذِكْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ أَنْجَى مِنْ عَذَابِ اللهِ مِن ذِكرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالُوا : وَلَا الجِهادُ في سبيلِ اللهِ ؟! قال : وَلَوْا أَنْ يَضْرِبَ بِسيْفِه حتَّى يَنْقطِعَ}[أخرجه البيهقي في الشعب]، وكان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول : (لِكُلِّ شَيْءٍ جِلَاءً، وَإِنَّ جِلَاءَ الْقُلُوبِ ذِكْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ).
يقول ابن القيم : (وكل شيء له صدأ، وصدأ القلب الغفلة والهوى، وجلاؤه الذكر والتوبة والاستغفار).