آخر الأخبار

جاري التحميل ...

ذكر الله وتحصيل الحضور

ب - صيغة الذم : وقد أشرنا إليها في آفة النفاق، إذ أن الله تعالى ذم المنافقين لقلة ذكرهم، مما يفيد أن حتمية الذكر الكثير واردة، يقول ابن رجب الحنبلي معلقا على هذه الآية : (ويشهد لهذا المعنى أن الله وصف المنافقين بأنهم لا يذكرون الله إلا قليلا، فمن أكثر ذلك باينهم في أوصافهم، ولهذا ختمت سورة المنافقون بالأمر بذكر الله).

ج - صيغة التمايز : ويقصد بها تمايز الذكر عن باقي الأعمال، وأثرنا هذه النقطة للخلط الحاصل بين الذكر وحده كعمل قائم بذاته، وبين القيام بباقي الأعمال المحققة لمعنى جزئي للذكر، ولهذا يقول ابن القيم بأن "جميع الأعمال إنما شرعت لإقامة ذكر الله تعالى، وأن أفضل أهل كل عمل أكثرهم فيه ذكر الله" ونريد توضيح هذه الصيغة المفيدة لحتمية الفعل من خلال النصوص التالية :

* قوله تعالى مخاطبا سيدنا موسى عليه السلام : {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}[طه:14] فالصلاة محققة للذكر وليست (كنهه)(1)، قال تعالى : {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ}[النساء:103]فلو كانت الصلاة وحدها ذكرا لما أمر الله عز وجل بالذكر بعدها، مما يعطي معنى لهذه الصيغة من خلال هذا النص القرآني.

* قوله تعالى في فريضة الحج : {فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً}[الابقرة:200]

فأمر الذكر أثناء الحج دلالة على التمايز.

* قوله تعالى في الجهاد : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[الأنفال:45]. فأوصى الله نعالى بالذكر وأمر به في وقت عسير على المسلم، وهو ملاقاة عدوه، مما يدل على هذه الصيغة أيضا.

* وأخرج الإمام أحمد من حديث سهل بن معاذ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ فَقَالَ : أَيُّ الْجِهَادِ أَعْظَمُ أَجْرًا يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : " أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ ذِكْرًا " ثُمَّ قَالَ : فَأَيُّ الصَّائِمِينَ أَعْظَمُ ؟ قَالَ : " أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ ذِكْرًا " ، ثُمَّ ذَكَرَ لَنَا الصَّلَاةَ ، وَالزَّكَاةَ ، وَالْحَجَّ ، وَالصَّدَقَةَ كُلًّا، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ ذِكْرًا " فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : ذَهَبَ الذَّاكِرُونَ بِكُلِّ خَيْرٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَجَلْ ". وقد أخرجه عبد الله بن المبارك وابن أبي الدنيا من وجوه بمعناه وهذا الحديث شامل لصيغة التمايز هاته.

1 - غير واضحة في الكتاب

    

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية