ووشوا بذي النون المصري رحمه الله تعالى عند الخليفة فأعجبه وقال إن كان هو زنديق فما على الأرض مسلم، وتعصّب عليه مرّة فقهاء أخميم ونزلوا في زورق ليمضوا إلى السلطان بمصر يشهدون عليه بالكفر فأعلموه بذلك فقال : "اللهم إن كانوا كاذبين فأغرقهم" فانقلب الزورق عليهم والناس ينظرون حتى رئيس المركب فقيل له ما ذنب الرئيس فقال : حمل الفسّاق.
ورموا سمنون المحب رحمه الله تعالى أحد رجالات رسالة القشيري بالعظائم وأرشوا امرأة من البغايا فادّعت عليه أنه يأتيها هو وأصحابه واختفى بسبب ذلك سنة إلى أن كشف الله تعالى عنهم تلك المحنة.
وأخرجوا سهل بن عبد الله التّستري رحمه الله تعالى من بلده إلى البصرة ونسبوه إلى قبائح وكفّروه مع إمامته وجلالته ولم يزل بالبصرة إلى أن مات بها.
ورَمَوْا أبا سعيد الخرّاز رحمه الله تعالى بالعظائم وأفتى العلماء بكفره بألفاظ وجدوها في كتبه منها : لو قلت من أين وإلى أين ؟ لم يكن جوابي غير الله تعالى.
وشهدوا على الجنيد رحمه الله تعالى بالكفر مرارًا حين كان يتكلم في علم التوحيد على رؤوس الأشهاد فصار يقرره في قعر بيته إلى أن مات وكان من أشد المنكرين عليه وعلى رويم وعلى سمنون وعلى ابن عطاء ومشايخ العراق ابن دانيال كان يحط عليهم أشد الحطّ وإذا سمع أحدًا يذكرهم بخير تغيّظ وتغيّر لونه.
وأخرجوا الإمام محمد بن الفضل البلخي رحمه الله تعالى من بلخ لكون مذهبه كان مذهب أهل الحديث من أجراء الصفات على ظاهرها بلا تأويل والإيمان بها على علم الله تعالى فيها ولما أرادوا إخراجه قال : لا أخرج إلا أن تجعلوا في عنقي حبلا وتمرّوا بي في أسواق البلد وتقولوا هذا مبتدع نريد أن نخرجه من بلدنا، ففعلوا به ذلك وأخرجوه فالتفت إليهم وقال : يا أهل بلخ نزع الله تعالى من قلوبكم معرفته، فلم يخرج بعد دعائه قطّ من بلخ صوفيّ مع أنها كانت أكثر بلاد الله صوفيّة. وعقدوا للشيخ عبد الله بن حمزة رحمه الله تعالى مجلسًا في الردّ عليه حين قال : أنا أجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظة فلزم بيته فلم يخرج إلا للجمعة حتى مات.
وأخرجوا الحكيم الترمذي رحمه الله تعالى إلى بلخ بسبب كتابين صنّفهما فأغلظوا عليه وقالوا له أنت فضّلت الأولياء على الأنبياء فجمع كتبه وألقاها في البحر فابتلعتها سمكة سنين ثم لفظتها وانتفع الناس بها.