آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شرح تائية ابن الفارض الكبرى-6



شِـفـائِيَ أَشـفـى بـل قَـضى الوَجدُ أَن قَضى
         وبَـــردُ غـــليـــلي واحِـــدٌ حَـــرَّ غُـــلَّتــي

أي : شفائي أشرف على الهلاك وقرب الفناء، بل حكم الوجد بموته وفنائه، وبَرْد ما يسكن حرقتي واجد حرارة عطشي (أي الوصول الذي يسكن نار الفراق هو بعينه يهيج نار الاشتياق ويزيدها).

وبـــاليَ أبـــلى مِـــن ثـــيــابِ تَــجَــلُّدي
       بــه الذَّاتُ فـي الإعـدامِ نـيـطَـت بـلَذَّةِ

أي : قلبي أو حالي في الرثاثة أخلق وأبلى من ثياب تجلدي وتصبري، بل ذاتي في إعدام المحبة إياها أو في صيرورتها معدومة أو في وجدان نفسها معدومة متعلقة باللذة أي ملتذة

فَــلو كَــشَــفَ العُــوَّادُ بــي وتَــحَــقَّقــُوا
       مــنَ اللَّوحِ مــا مِـنَّيـ الصَّبـابـةُ أبـقَـتِ

أي : ذاتي ونفسي فنيت من المحبة وصارت بحيث لا يمكن أن يراها أحد إلّا بالمكاشفة لدخولها في الغيب.

مَــا شــاهَــدَت مــنِّيــ بَــصــائِرهُـم سِـوى
         تــــخَــــلُّلِ رُوحٍ بــــيــــنَ أثـــوابِ مَـــيِّتِ

أي : فلو يراها وتحقق حقيقتها من اللوح المحفوظ الذي فيه صورة كل شيء وحقيقته وأدرك فيه ما أبقت الصبابة من ذاتي لما شاهدت مني عيون قلوبهم غير روح متخلل بين أثواب كأثواب الميت (شبّه بدنه بثوب الميت، لأن روحه وقلبه فني في الحق ومات وإن كان بدنه حيًّا).

وَمُــنــذُ عَــفـا رَسـمـي وَهِـمـتُ وهِـمـتُ فـي
       وُجــودي فَــلَم تَــظـفَـر بـكَـونِـيَ فِـكـرَتـي

أي : ومن الزمان الذي فيه اندرس رسمي وحصل لي الهيمان، وقعت في التوهم والغلط في وجودي. فكلما تفكرت فيه لم تظفر بوجودي فكرتي أصلًا لانعدامه.

وَبَــعــدُ فَـحـالي فـيـكِ قـامَـت بِـنَـفـسِهـا
         وَبَــيِّنــَتــي فــي سَــبــقِ روحــي بَــنِـيَّتـي 

لما ذكر أن وجوده فني والمحبة تستدعي من تقوم به، قال وبعد : أي : بعد فناء وجودي قامت حالي في محبتك بنفسها، وَبَــيِّنــَتــي في أنها قائمة بنفسها، ثابتة في سبق روحي على بدني.

وَلَم أَحــكِ فــي حُــبِّيــكِ حــالي تَــبـرُّمـاً
          بِهــا لاضـطِـرابٍ بَـل لِتَـنـفِـيـسِ كُـربَـتـي

أي : لم أحك حالي في حبي إيّاك لأجل التبرم والسآمة بالمحبّة، لاضطراب حصل منها في نفسي، بل لأجل تنفيس كربتي وترويج قلبي.

ويَـــحـــسُــنُ إظــهــارُ التَــجــلُّدِ للعِــدى
   ويــقــبُــحُ غَــيـرُ العَـجـزِ عـنـدَ الأحِـبَّةِ

لما كان إظهار محن المحبة مؤذنًا للتبرم وإخفاؤها مؤذنا للتجلد، وكلاهما مذمومان، نفى الأول عن نفسه مطلقًا وفصَّل الثاني بقوله : ويحسن إظهار التجلد للعدى، فإن العدو إذا اطلع على محنه وبلاياه يفرح، ويقبح غير الإتيان بالعجز والمسكنة والذلة والانكسار عند المحبوبين.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية