آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الانتصار للأولياء الأخيار-11

وأخرجوا الإمام يوسف بن الحسين الرازي رحمه الله تعالى وقام عليه زهّاد الرّاز وصوفيتها، وأخرجوا أبا عثمان المغربي من مكة مع كثرة مجاهدته وتمام علمه وحاله، وضربوه ضربا مبرِّحا وطافوا به على جمل، فأقام ببغداد إلى أن مات فيها. وشهدوا على الشبلي رحمه الله تعالى بالكفر مرارًا مع تمام علمه وكثرة مجاهداته واتِّباعه للسّنة، فأدخله أصحابه البيمارستان ليرجع الناس عنه مدّة طويلة. وقتلوا الحلاج رحمه الله تعالى بسبب كلماتٍ وجدوها في كتبه. 

قال ابن خلّكان : وإنما سُمي الحلاج لأنه جلس على دكّان حلّاج وبها مخزن قطن غير محلوج، فذهب صاحب الدكان في حاجته ورجع فوجد القطن كله محلوجًا، فسُمي الحلّاج. 

قال : وأما سبب قتله فلم يكن عن أمر يوجب القتل، إنما عمل عليه الوزير حيلة حين أخرجوه إلى مجلس الحكم مرّات ولم يظهر منه ما يخالف الشريعة، فقال الوزير لجماعة : هل له مصنّفات ؟ قالوا : نعم، فذكروا أنهم وجدوا له كتابًا فيه أنّ الإنسان إذا عجز عن الحج فليعمد إلى غرفة من بيته فيطهّرها ويطيّبها ويطوف، فيكون كمن حجّ البيت والله أعلم إن كان القول عنه صحيحًا، فطلبه القاضي فقال : هذا الكتاب تصنيفك ؟ فقال : نعم، فقال : أخدتَه عَنْ مَنْ ؟ فقال : عن الحسن البصري، ولا يعلم الحلاج ما دسّوه عليه فيه، فقال القاضي : كذبت يا حلال الدم، فمسك الوزير هذه الكلمة على القاضي، فقال : هذا فرع من حكمك بكفره، وقال للقاضي : اكتب خطّك بالتكفير، فامتنع القاضي فألزمه الوزير بذلك فكتب، فقامت العامة على الوزير فخاف على نفسه فكلّم الخليفة في ذلك، فأمر بالحلاّج فضرب ألف سوط فلم يتأوّه، وقطعت يداه ورجلاه وصلب ثم أحرق بالنار، ووقع الاختلاف بين الناس أهو الذي صلب أم رُفع كما وقع في عيسى بن مريم عليه السلام. 

ورُوي أنّه لمّا قدّم لتقطع يداه قطعت اليد اليمنى أوّلًا فضحك، ثم قطعت اليسرى فضحك ضحكًا بليغًا، فخاف أن يصفرّ وجهه من نزف الدّم فكبّ بوجهه على الدّم السّائل ولطّخ وجهه بدمه وأنشد يقول :

الله الله أن الروح قد تلفت
شوقًا إليك ولكني أمنيها

ونظرة منك يا سؤلي ويا أملي
أشهى إلي من الدنيا ومن فيها

يا قوم انى غريب فى دياركمُ
سلّمتُ روحى اليكم فاحكموا فيها

لَم أُسلِمِ النَفسَ لِلأَسقامِ تُتلِفُها
إِلّا لِعِلمي بِأَنَّ الوَصلَ يُحييها

نَفسُ المُحِبِّ عَلى الآلامِ صابِرَةٌ
لَعَلَّ مُسقِمَها يَوماً يُداويها

ثم رفع نفسه إلى السماء وقال : يا مولاي إني غريب في عبادك، وذكرك أغرب منّي، والغريب يألف الغريب.



التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية