لا يختلف أحد على وجود العديد من المظاهر الغريبة والبعيدة كل البعد عن التصوف الحقيقي، التي نشاهدها من بعض المحسوبين على التصوف والطرق في الأضرحة والمقابر، ولكن الصوفية مثل سائر كل الأفكار يعلق بها من هم ليسوا على علم أو دراية بالفكرة، ويبقى السؤال: ما علاقة التوسل والتبرك في الأضرحة بالتصوف العلمي الحقيقي؟
لا علاقة بين التصوف والتبرك
لاتوجد علاقة للتصوف كعلم من العلوم بالأضرحة أو التوسل أو التبرك، كما أن كتب علم التصوف وكبار السادة الصوفية لا وجود فيها للأضرحة أو التوسل أو التبرك باعتباره من أصول التصوف، أو من حتى من نتائج التصوف، بل يتلخص وجودها على الذكر والمجاهدة.
والرابط بين الصوفية والأضرحة حفظ الود وتمام الأدب، فزيارة الأضرحة ـ القبور ـ مندوبة في الشرع الشريف من جهة، ومن جهة أخرى فإن الأرواح باقية والأجساد فانية، وتعلق الصوفية يكون بالأرواح وحفظ الود لها والأدب معها، لذلك يزورون مشايخهم وكل صاحب فضل عليهم، وكل من له علاقة بالله تأدبا مع الله تعالى.
عن معاني التبرك بالصالحين
التبرك هو التماس وله معنى شريف من شرف العلاقة بين الصالحين والله عز وجل، دون أن يكون في ذلك اعتقاد نفع أو ضر في غير الله عز وجل، فالصحابة كانوا يلتمسون بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا ومنتقلا، كما التمس الصحابة أيضا بركة بعضهم بعضا، وكذلك التمس التابعون بركة الصحابة لمعايشتهم النبي صلى الله عليه وسلم .
إن التوسل بالصالحين إلى الله عز وجل حال حياتهم وحال موتهم في التصوف من قبيل الدخول على الله من باب من سبق وصدق، لا واسطة بين الله وعبده، ولكن الله يسبب الأسباب ولو أزال الله الأسباب فما فائدة إرسال الرسل.
كان يمكنه عز وجل أن يدعو الناس من عنده من غير رسول، ولكنه عز وجل يعرف ما جبلت عليه فطرة عباده ويريد أن يشرف بعض خلقه بما اختصهم من النبوة والولاية.
كما أنه لا يوجد فرق عند الصوفية في التوسل بين حي وميت، بل لا فرق في التوسل بالحي أو الميت عند جمهور علماء الأمة،و الصوفية لا يعتقدون إلا في الله، ولهذا جعلوا الحي كالميت، لأن الله هو الحي الفاعل الخالق المعطي في الحقيقة، أما نحن فمجرد عدم، نظرًا لأن وجودنا عرضي قائم بمدد الله تعالى.
الصوفية وأهل القبور
إن المتصوفة لا ينسون أهل القبور ولا يرموهم وراء ظهورهم كمن انشغل بالأحياء لإتمام مصالحه الدنيوية الفانية، وذلك لأن الصوفية يحفظون الود ولا يرون الفضل إلا من الله عز وجل دون إنكار الأسباب.
وعن الأفعال التي تحدث عند الأضرحة والأقوال التي تقال ويراها البعض تخالف الشرع، فهي ممنوعة لكن لا تصل إلى الشرك أبدا، إلا أن يكون فاعلها يضمر الشرك في نفسه، وهذا لم نعهده بالمسلمين.