الإشارة:
إذا حصل المريد على أسرار التوحيد، وخاض بحار التفريد، وذاق حلاوة أسرار المعاني، وغاب عن شهود حس الأواني، وحصل له الرسوخ والتمكين في ذلك، أيِسَ منه الشيطان وسائر القواطع، فلا يخشى أحدًا إلا الله، ولا يركن إلى شيء سواه، وأمِنَ من الرجوع في الغالب، إلا لأمر غالب، { وَاللهً غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ } [يُوسُف:21]. ولذلك قال بعضهم: ( والله ما رجع من رجع إلا من الطريق، وأما من وصل فلا يرجع).
والوصول هو التمكين فيما ذكرنا، فإذا حصل على كمال المعرفة، ووقف على عرفة المعارف، فقد كمل دينه واستقام أمره، وظهرت أنواره، وتحققت أسراره، وما بقي إلا الترقي في الأسرار أبدًا سرمدًا، والسير في المقامات كسير الشمس في المنازل، ينتقل فيها من مقام إلى مقام، بحسب ما يبرز من عنصر القدرة، فتارة يبرز معه ما يوجب الخوف، وتارة ما يوجب الرجاء، وتارة ما يوجب الرضا والتسليم، وتارة ما يوجب التوكل، وهكذا يتلون مع كل مقام ويقوم بحقه، ولا يقف مع مقام ولا مع حال، لأنه خليفة الله في أرضه، وقد قال تعالى: { كُلَّ يَوْمِ هُوَ في شَأْنٍ } [الرحمن:29]، وهذا هو التلوين بعد التمكين. والله تعالى أعلم.
الله اكبر كبير والحمد الله كتيرا وسبحان الله بكرة واسلا
ردحذف