آخر الأخبار

جاري التحميل ...

وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا

وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا

الإشارة: 


في هذه تسلية لأهل البلاء والجلال، فإنّ مَن عَلِمَ أن ما أصابه إنما هو حُكم ربه، الذي يقوم به ويحفظه، وهو بمرئً منه ومسمَعٍ، لا يهوله ما نزل، بل يزيده غبطةً وسروراًا؛ لعلمه بأنه ما أنزله به إلا لرفعة قدره، وتشحير ذهب نفسه، وقطع البقايا منه، فهو في الحقيقة نعمة لا نقمة، وفي الحِكَم: "مَن ظنّ انفكاك لطف الله عن قدره، فذلك لقصور نظره".
قال القشيري: أي: اصبر لما حكم به في الأزل، فإنه لا يتغير حكمنا الأول إن صبرت وإن لم تصبر، لكن إن صبرت على قضائي جزيت ثواب الصابرين بغير حساب، وفيه إشارة أخرى، أي: اصبر فإنك بأعيينا نعينك على الصبر لأحكامنا الأزلية، كما قال تعالى: { وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ } [النحل: 127]. هـ. وقيل المعنى: فإنك من جُملة أعيننا، وأعيان الحق الكُمل من الأنبياء، والرسل، والملائكة، وأكابر أوليائه، فإنهم أعيان تجلياته، ولذلك الإشارة بقوله عمر رضي الله عنه في شأن عليّ - كرّم الله وجهه - حين ضرب شخصاً فشكاه: "أصابته عين من عيون الله"، وذلك لما تمكنوا من سر الحقيقة، صاروا عين العين. ومن ذلك قولهم: ليس الشأن أن تعرف الاسم، إنما الشأن أن تكون عين الاسم، أي: عين المُسمّى، وهو سر التصرُّف بالهوية عند التمكين فيها، وتمكُّن غيبة الشهود في الملك المعبود، وقوله تعالى: { وسبح بحمد ربك... } الخ، فيه إشارة إلى مداومة الذكر، والاستغراق فيه، ودوام التنزيه لله تعالى عن رؤية شيء معه. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد 

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية