آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شرح بردة البوصيري

شرح بردة البوصيري

أَمَرْتُكَ الْخَيْرَ لَكِنْ مَا ائْتَمَرْتُ بِهِ ✯وَمَا اسْتَقَمْتُ فَمَا قَوْلِي لَكَ اسْتَقِمِ


لكن للاستدراك أي رفع الوهم الذي حصل من امرتك، إن الآمر بالخير فاعل لهُ فرُفع الوهم بلكن هضما لنفسه، واسمه محذوف وهو ضمير المتكلم وحده والتعديد، لكن أنا اتمرت به أي بالخير أي ما فعلته وما في الموضعين نافية والفاء جزائية وما موصوفة مرفوع المحل على أنه مبتدأ وقولي مضاف.

والمعنى :أمرتك الخير يا صاحبي لكن أنا ما فعلته ولا استقمتُ على الطاعات فشيء عجيب قولي لك استقم أي على الطاعات وقد قال الله تعالى :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ).

وَلاَ تَزَوَّدْتُ قَبْلَ الْمَوْتِ نَافِلَةً ✯وَلَمْ أُُصَلِّ سِوَى فَرْضٍ وَلَمْ أَصُمِ


يقال تزودتُ اللحم أي اتخذته زادًا، والزاد الطعام المهيأ للسفر وبالفارسية"نوشة" والمراد هنا الطاعات والصلوات. في اللغة الدعاء، وشرعا عبارة عن أفعال معلومة وأذكار مخصوصة، والصوم لغة الإمساك ،وشرعا إمساك مع النيَّة من أوّل الفجر إلى الغروب. والنافلة الطاعة الغير المفروضة، والموت مفارقة الروح عن البدن والإعراب ظاهر.

والمعنى : ما حصلتُ قبلَ الموت من الطاعات لتكون وسيلة يوم القيامة سوى ما فرض عليَّ.

ظَلَمْتُ سُنَّةَ مَنْ أَحْيَ الظَّلاَمَ إِلَى ✯أَنِ اشْتَكَتْ قَدَمَاهُ الضُّرَّ مِنْ وَرَمِ


ظلمتُ: تركتُ ومنه الظّلم لأنه ترك الحق، والسنة الطريق المسلوك في الدين من غير افتراضٍ ولا وجوب، والظلام سواد الليل، والتشكي معلوم والقدم الرِّجْلُ.

والمعنى : تركت سنة مَن عَبَد الله في سواد الليل حتى اشتكت قدماه الضرّ من ورم ووجع، حصل من الوقوف والقيام عليها.

وَشَدَّ مِنْ سَغَبٍ أَحْشَاءَهُ وَطَوَى✯تَحْتَ الْحِجَارَةِ كَشْحًا مُتْرِفَ الْأَدِمِ


شدَّه حكّمه وواثقهُ، والسّغبُ الجوع، والأحشاء جمع حشا وهو ما تحت الأضلاع، وطوى أي لفَّ، والكشح والكاشح الخاصرة، والمترف الناعم، والأدِم ظاهر الجلدِ.

والمعنى : تركت طريقة من أحيى الظلام وطريقة من شدّ من جوع أحشاءه ولَفَّ تحت الحجارة خاصرة ناعمة الجلد من عدم الاهتمام بالدنيا لا مِن عدم القدرة.

وَ رَاوَدَتْهُ الْجِبَالُ الشُّمُّ مِنْ ذَهَبٍ ✯عَنْ نَفْسِهِ فَأَرَاهَا أَيَّمَا شَمَمِ


وراودته أي دعته وطلبته، والمراودة في الأصل المجيء والذهاب لطلب الشيء ثم استعمل في الطلب مجازا مرسلا.

والمعنى : أنه فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكرناه ولم يكن من فقر بل راودته الجبال العاليات أن يصرن ذهبًا فأعرض عنها غاية الارتفاع فانظروا أي شمم أرفع، أي ارتفاعه صلى الله عليه وسلم أرفع، أو ارتفاع الجبال، ولا شك أن ارتفاعه أرفع.

وَ أَكَّدَتْ زُهْدَهُ فِيمَا ضَرُورَتُهُ ✯إنَّ الضَّرُورَةَ لاَ تَعْدُو عَلَى الْعِصَمِ


أكّدت أثبتت، والزهد عدم الرغبة في الدنيا، والضرورة الحاجة، لا تعد لا تجاوز، والعصم جمع عصمة وهي عندنا أن لا يخلق الله في العبد ذنبا، وعند الحكماء ملاكة تمنع الفجور والإعراب ظاهر.

والمعنى : أثبت عدم رغبته صلى الله عليه وسلم في زخارف الدنيا وحاجته إليها، وأن الضرورة لا تتجاوز العصمة ولا تمنعها والنبي معصوم بيقين.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية