يقول الشيخ سيدي جمال رضي الله عنه : (الذاكر لله تعالى حين يَتنوَّر قلبه يرى كل شيء جميلا، وصاحب القلب المظلم يرى كل شيء مُظلما، ولهذا كن جميلًا ترى الوجود جميلًا، فالسرُّ الفَيَّاض في هذه الطريقة المباركة يُجمِّل الوجود ويُنوِّر القلوب، وحين يتنوَّر القلب يظهر ذلك على الوجوه فتصيرُ كذلك جميلة).
الإسلام دين الفطرة، والإنسان بفطرته يميل إلى البهجة والحسن والجمال، ليرتقي بذلك إلى ملاحظة ذلك في هذا الكون البديع والاعتبار به وشهود جمال الله فيه لأنه سبحانه وتعالى هو الذي أحسن كل شيء خلقه، وبدأ خَلْقَ الإنسان من طين، وقد أورد السيوطي في الجامع الصغير قول النبي صلى الله عليه وسلم : (ثَلاَثَةٌ يَجْلُونَ اَلْبَصَرَ اَلنَّظَرُ إِلَى اَلْخُضْرَةِ وَإِلَى اَلْمَاءِ اَلْجَارِي وَإِلَى اَلْوَجْهِ اَلْحَسَنِ). ومن شهِدَ هذا الحسن زال عن بصر حجاب ظلمة البشاعة والقبح.
والتصوف باعتباره مقام الإحسان في الدين، طريق وسلوك نحو إخصاب القلوب وتزيينها بأزهار جمال المعاني اللطيفة، والصوفي يسبح باستمرار في الجمال سواء في العبادة والذكر، أو في السياحة والتفكر. ولهذا قالوا: " كن جميلا ترى الوجود جميلا" ولا ترى الوجود جميلا فحسب، إنما يجب أن تصير جميلا وتصل إلى أصل الجمال.
واستشعار هذه المعاني يتحقق بالاستغراق في التربية الروحية والإكثار من ذكر الله تعالى، وقراءة القرآن الكريم، والمواظبة على التفكر في تجليات الجمال الإلهي، وسلامة القلب من الحظوظ والعلائق.