« وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ »
«ما يعاني منه الوسط الصوفي العملي اليوم من ألوان التزييف، وأشكال التخريف، وتناسل "المشيخات " التي لا سند لها ولا نور فيها ولا علم معها، وطغيان وصلات "التحريف"، وحملات "التجريف"، ومحاولات "التسييل" التي تطول مفهوم التصوف، نظرا وممارسة، حتى يصير دالا على كل شيء ولا يعني أي شيء…واقع بمثل هذه الملامح الشائهة التي تشوش على كل عمل صوفي جاد وصادق ومجدد حقا؛ واقع كهذا يحتاج إلى صحوة نقدية شاملة من لدن أهل الشأن لإنقاذ ميراث أهل الإحسان، بما هو ميراث إسلامي تربوي وتزكوي وروحي وأخلاقي وجمالي جماعي؛ إنقاذه من هذا "التتفيه" الذي يستهدفه، بوعي أو بغير وعي، باستغلال أو إغفال. هذا في الوقت الذي تحتاج فيه الأمة الإسلامية، أكثر من أي وقت مضى، إلى التثمير المعرفي والروحي والأخلاقي لهذا الميراث؛ والإفادة منه في تجديد الممارسة الدينية الرشيدة في سياقنا المعاصر؛ بل والإفادة النقدية منه من أجل الإسهام في معالجة عدد من المآزق الوجودية والروحية والأخلاقية التي تطوق الإنسان المعاصر بشكل عام».
محمد التهامي الحراق
تعليق :
هذا النص لمحمد التهامي الحراق، الذي نشره على صفحته، هو فرصة ثمينة لأنه يسلط الضوء على ظاهرة معروفة في تاريخ التصوف : ظهور مدعين زائفين لوظيفة الشيخ المربي. هؤلاء مغتصبون يدعون امتلاك سر التربية الروحية. كان الشيخ سيدي حمزة قد حذر في حياته من أنه في زمن سيدي جمال العارف بالله، سيظهر مغتصبون يسعون إلى تضليل الناس. هؤلاء المغتصبون لا يمكنهم التفاخر بأي سند روحي أو سلسلة نقل صلبة، لكنهم يعتمدون على مواهبهم في الخطابة، وأحياناً على “ملامحهم الجميلة”، وعلى شائعات كاذبة تنسب لهم بركة تتمثل في بقايا مزيفة تُنسب إلى النبي.
يجب أن يعلم المريد أنه إذا وجد الشيخ الحقيقي، فلا يوجد غيره. شيخنا هو سيدي جمال، العارف بالله، الذي كان والداه وأجداده من الأولياء والمشايخ المؤكدين. انتشار طريقته على المستوى العالمي يثبت وجود سر قوي يشع في جميع أنحاء العالم. المدعون الزائفون هم مثل هؤلاء الرعاة الذين لديهم خروف أو اثنان يتبعانهم. ما قيمة حفنة من أتباعهم مقارنة بحركة عالمية حول الشيخ الحقيقي سيدي جمال؟
يجب على المريد أن يبتعد عن أي خطاب آخر غير خطاب شيخه. إذا وجدت كهف علي بابا، فاعلم أنه لا يوجد كهفان لعلي بابا. المريد الذي يتوجه نحو مدعين زائفين يضل ويضيع. إنه يريد أن يرضع من ثدي ذي لبن فاسد، تاركاً الثدي الحقيقي. أما بالنسبة لمن يبحث عن الروحانية، فعليه أن يطرق الباب الصحيح ويتوجه إلى البيت الصحيح. هناك شرطان يشرعان الشيخ الحقيقي:
1. امتلاك سلسلة ذهبية لنقل السر أو المدد تمتد بلا انقطاع حتى تصل إلى النبي. المدعي الزائف غير قادر على تقديمها، وحتى إذا حاول ذلك، فإن سلسلته تكون مزيفة ويمكن بسهولة إثبات بطلانها.
2. ثمار تربيته التي تظهر على مريديه. الشوك لا ينتج إلا أشواكاً. لقد قدمت على هذه الصفحة أمثلة من حياة مريدين التحقوا بربهم. يجب قراءة هذه الشهادات لفهم من هو الذي مكنهم من أن يكونوا على ما هم عليه.
ليحذر المريد أو الباحث عن الحقيقة. في السوق الروحي، هناك التاجر الحقيقي الذي يمتلك البضاعة الأصيلة، وهناك المحتالون والغشاشون. بضاعتهم فاسدة. ما يثير الدهشة بشكل خاص هو أنه في هذا السوق (market) الروحي، يجتمع جميع المحتالين والغشاشين، ويتنافسون فيما بينهم بطرق إقناع متقنة لجعل الآخرين يشترون بضاعتهم. لذلك، يجب توخي الحذر عند دخول هذا السوق حيث تنتشر الانحرافات الطائفية وتكون إغراءات الشيطان متطورة.
في القرآن الكريم، يقول الله تعالى: «فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ». يجب على المريد أن يلجأ إلى الشيخ الذي يلجأ بنفسه إلى الله ويجسد هذه الحقيقة القرآنية. الشيخ الحقيقي هو فريد من نوعه، وكما قال الأولياء، لا يوجد في الجحر إلا ثعبان واحد، وليس اثنين.
لتقديم صورة أخرى عن عصرنا، المريد لديه قناة تلفزيونية واحدة فقط على جهاز الاستقبال الخ به. طبق الأقمار الصناعية موجه بدقة نحو هذه القناة. المريد لا يتنقل بين القنوات، ولا يحتاج حتى إلى جهاز تحكم عن بعد.
د.رشيد حميمز
أستاذ جامعي في التعليم العالي
باحث في العلوم الاجتماعية
الرباط