أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الشَّاعِرُ الصُّوفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عُمَرَ الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا زُرَيْقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخَرِّمِيُّ، أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ، أَعْلَاهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ».
سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ الشَّاعِرِ، يَقُولُ: «كَانَ أُسْتَاذِي مُظَفَّرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقِرْمَاسِيُّ يُجَزِّئُ لَيْلَهُ يَقْرَأُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مِنْ أَوَّلِهِ، وَيُصَلِّي وَسَطَهُ، وَيُغَنِّي آخِرَ اللَّيْلِ، وَكَثِيرًا مَا كَانَ يُغَنِّي بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ :
قَدْ لَسَعَتْ حَيَّةُ الْهَوَى كَبِدِي ... فَلَا طَبِيبَ لَهَا وَلَا رَاقِي
إِلَّا الْحَبِيبُ الَّذِي شَغِفْتُ بِهِ ... فَعِنْدَهُ رُقْيَتِي وَتِرْيَاقِي»
دَخَلْتُ عَلَى عَبَّاسِ بْنِ الشَّاعِرِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِقَلِيلٍ، فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فَقَالَ: أَجِدُنِي لِمَا قَدْ نَزَلَ بِي بَيْنَ حَالَتَيْنِ لَا أَقْدِرُ أَنْ أَنْفَكَّ عَنْهُمَا: أَحَدُهُمَا، إِنْ تَجَلَّدْتُ لِتَحَمُّلِ مَا قَدْ نَزَلَ بِي، تَقَعْ مِنِّي مُزَاحَمَةٌ فِي الْمَوْضِعِ، فَإِنْ سَأَلْتُهُ كَشْفَ مَا بِي، تَقَعْ مِنِّي الْمُعَارَضَةُ لِمُرَادِهِ فِيَّ، فَقَدْ دَهِشْتُ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ، فَقُمْنَا وَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ، وَتُوُفِّيَ فِي لَيْلَتِهِ، وَذَلِكَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ".