حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ النَّيْسَابُورِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ،: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ».
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي زَكَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْوَرْدِ الْحَدِيثِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُبَارَكِ الْبَلْخِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَ: مَكَثْتُ فِي جَامِعِ الْكُوفَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَمْ أَطْعَمْ طَعَامًا وَلَمْ أَشْرَبْ شَرَابًا، فَلَمَّا أَنْ كَانَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ هَزَّنِي الْجُوعُ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ إِذْ دَخَلَ عَلَيَّ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ رَجُلٌ مَجْنُونٌ وَبِيَدِهِ حَجَرٌ كَبِيرٌ، وَفِي عُنُقِهِ غُلٌّ ثَقِيلٌ، وَالصِّبْيَانُ مِنْ وَرَائِهِ، فَجَعَلَ يَجُولُ فِي الْمَسْجِدِ، حَتَّى إِذَا حَاذَانِي جَعَلَ يَتَفَرَّسُ فِيَّ فَجَزِعْتُ عَلَى نَفْسِي مِنْهُ، فَقُلْتُ: إِلَهِي وَسَيِّدِي أَجَعْتَنِي وَسَلَّطْتَ عَلَيَّ مَنْ يَقْتُلُنِي، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَقَالَ:
مَحَلُّ بَيَاتِ الصَّبْرِ فِيكَ عَزِيزَةٌ ... فَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ لِصَبْرِكَ آخِرُ
قَالَ فُضَيْلٌ: فَزَالَ عَنِّي جَزَعِي، وَطَارَ عَنِّي هَلَعِي، وَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي، لَوْلَا الرَّجَا لَمْ أَصْبِرْ، قَالَ: وَأَيْنَ مُسْتَقَرُّ الرَّجَا مِنْكَ؟ قُلْتُ: بِحَيْثُ مُسْتَقَرُّ هِمَمِ الْعَارِفِينَ، قَالَ: أَحْسَنْتَ وَاللَّهِ يَا فُضَيْلُ، إِنَّهَا لِقُلُوبٌ الْهُمُومُ عُمْرَانُهَا وَالْأَحْزَانُ أَوْطَانُهَا، عَرَفَتْهُ فَاسْتَأْنَسَتْ بِهِ وَارْتَحَلَتْ إِلَيْهِ، فَعُقُولُهُمْ صَحِيحَةٌ وَقُلُوبُهُمْ ثَابِتَةٌ وَأَرْوَاحُهُمْ بِالْمَلَكُوتِ الْأَعْلَى مُعَلَّقَةٌ، ثُمَّ وَلَّى وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
فَهَامَ وَلِيُّ اللَّهِ فِي الْفَقْرِ سَابِحًا ... وَحُطَّتْ عَلَى سَيْرِ الْقُدُومِ رَوَاحِلُهُ
فَعَادَ لَخَيْرٍ قَدْ جَرَى فِي ضَمِيرِهِ ... تَذُوبُ بِهِ أَعْضَاؤُهُ وَمَفَاصِلُهُ
قَالَ الْفُضَيْلُ: «وَاللَّهِ، لَقَدْ بَقِيتُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ لَمْ أَطْعَمْ طَعَامًا وَلَمْ أَشْرَبْ شَرَابًا وَجْدًا لِكَلَامِهِ»